ماكرون يطلب “الصفح” من الحركيين ويعدهم ب”تعويض” فمن هم؟

من هم الحركيون المحاربون مع الجيش الفرنسي في حرب الجزائر؟

120

الأردن اليوم : 

طلب إيمانويل ماكرون الاثنين باسم فرنسا، “الصفح” من الحركيين الجزائريين الذين قاتلوا في صفوف الجيش الفرنسي خلال حرب الجزائر معلنا إقرار قانون “تعويض” قريبا.

ويشكل هذا الاعلان غير المسبوق خروجا عن الموقف المبهم المعتمد منذ ستين سنة الذي راوح بين دعم الحركيين وعدم الحديث صراحة عن أشياء تجنبا لإغضاب الجزائر.

وأضاف الرئيس الفرنسي خلال مراسم تكريم في قصر الإليزيه بحضور حركيين سابقين وأسرهم ومسؤولين عن جمعيات وشخصيات، “أقول للمقاتلين: لكم امتناننا، لن ننسى. أطلب الصفح، لن ننسى”.

ووعد ماكرون “قبل نهاية السنة بطرح مشروع يهدف إلى أن نُضَمن قوانيننا اعترافا بالحركيين والتعويض لهم”.

وأكد “شرف الحركيين يجب أن يحفر في الذاكرة الوطنية” داعيا إلى “تضميد الجروح التي يجب ان تندمل من خلال كلام يشدد على الحقيقة وبادرات تعزز الذاكرة وتدابير ترسخ العدالة”.

ويكون ماكرون بطلبه الصفح من الحركيين باسم فرنسا باعتباره أن البلاد “أخلت بواجباتها” حيالهم، ذهب أبعد من سلفه فرنسوا هولاند الذي أقر في العام 2016 “بمسؤولية الحكومات الفرنسية بالتخلي عن الحركيين”.

– انتقام دام –

وأوضح قصر الإليزيه في وقت سابق “يرى الرئيس أن العمل المنجز منذ ستين عاما مهم لكن ينبغي القيام بخطوة إضافية في الاعتراف بالاهمال الحاصل في حق الحركيين فضلا عن اخلال الجمهورية الفرنسية بقيمها الخاصة”.

والحركيون مقاتلون سابقون يصل عددهم إلى 200 ألف جندوا في صفوف الجيش الفرنسي خلال حرب الجزائر بين العامين 1954 و1962.

وفي ختام هذه الحرب تعرض جزء من هؤلاء المقاتلين الذين تخلت عنهم باريس لأعمال انتقامية في الجزائر.

ونقل عشرات الالاف منهم برفقة الزوجات والأطفال إلى فرنسا حيث وضعوا في “مخيمات موقتة” لا تتوافر فيها ظروف العيش الكريم التي تركت ندوبا لا تمحى.

خلال حفل الاستقبال، قلد الرئيس وساما لصلاح عبد الكريم وهو ممثل للحركيين جرح في القتال وللجنرال الفرنسي فرنسوا ميير الذي نظم عمليات إجلاء “مئات الحركيين عاصيا الأوامر” وبورنيا تارال ابنة أحد الحركيين و”الناشطة من أجل مساواة الفرص والتنوع”.

ومنذ سنوات تطالب جمعيات الحركيين ب”قانون يعترف بالتخلي عن الحركيين (..) وإيداعهم في مخيمات (..) في ظروف بائسة” فضلا عن زيادة التعويضات المعتمدة راهنا.

– “تهدئة الذاكرة” –

في أيلول/سبتمبر 2018، عرضت سكرتيرة الدولة للجيوش الفرنسية جنفييف داريسيك “خطة الحركيين” البالغة قيمتها 40 مليون يورو على أربع سنوات لتحسين المعاش التقاعدي للمقاتلين السابقين ومساعدة أولادهم الذين يعيشون في اوضاع صعبة.

وأتى طلب الصفح هذا قبل خمسة أيام من اليوم الوطني لتكريم الحركيين الذي يحتفل به منذ 2003 في 25 أيلول/سبتمبر ولا سيما في جنوب فرنسا حيث لديهم تواجد كبير.

ويشكل الحركيون وأسرهم اليوم مجموعة تضم مئات آلاف الأفراد في فرنسا ويحاول استقطابهم التجمع الوطني (اليمين المتطرف) واليمين.

وكتبت مارين لوبن زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا في تغريدة معلقة على كلام ماكرون “سخاء إيمانويل ماكرون الانتخابي لن يصلح عقودا من الازدراء”.

وكان اندماج الحركيين في المجتمع الفرنسي صعبا لأنهم كانوا يعتبرون مهاجرين فيما المهاجرون ينبذونهم.

وكان إيمانويل ماكرون أعلن انه سيتوجه إلى الحركيين عند تسلمه في كانون الثاني/يناير تقرير بنجامان ستورا الذي تناول الحرب في الجزائر التي “تبقى جرحا مفتوحا” على ضفتي المتوسط.

وكان الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة وصف الحركيين في العام 2000 بأنهم “عملاء” منتقدا في الوقت ذاته ظروف إيوائهم في فرنسا لكنه رفض عودتهم إلى الجزائر.

 

من هم الحركيون المحاربون مع الجيش الفرنسي في حرب الجزائر؟

 

الحركيون الذين طلب منهم الرئيس الفرنسي “الصفح” باسم فرنسا الاثنين ووعدهم بـ”تعويض”، هم جزائريون انضموا إلى صفوف الجيش الفرنسي خلال حرب الجزائر بين العامين 1954 و1962 لمحاربة جبهة التحرير الوطني.

وجند الجيش الفرنسي محليا ما يصل إلى 200 ألف من هؤلاء الجزائريين لعمليات خاصة.

لكن غداة اتفاقات إيفيان في 18 آذار/مارس 1962، التي كرست هزيمة فرنسا في الجزائر، رفضت الحكومة الفرنسية إجلاءهم جماعيا.

ونقل الجيش 42 ألفا فقط منهم برفقة زوجاتهم واولادهم احيانا، إلى فرنسا ووضعوا في مخيمات موقتة كانت ظروف العيش في غالبيتها بائسة.

وتمكن 40 ألف حركي آخر من الوصول بسبل اخرى وبطرق سرية إلى فرنسا.

في المجموع، وصل ما بين 80 و90 ألف شخص إلى فرنسا وفقًا لبعض التقديرات، غالبيتهم بين عامي 1962 و1965.

وترك الآخرون بعد أن جردوا من أسلحتهم، لمصيرهم في الجزائر. واعتبرهم النظام الجديد خونة وتعرضوا مع عائلاتهم لأعمال انتقامية دموية.

وأعلن بيار ميسمير وزير الجيوش في عهد الجنرال ديغول، في عام 2003 أن “موقف فرنسا كان الوحيد الممكن” معتبرا أنه كان “حتميا ومشروعت”.

ولم تنجح شكوى قدمها ثمانية حركيين في آب/أغسطس 2001 في باريس في قضية “جرائم ضد الإنسانية” والتي تحدثت عن 150 ألف ضحية، في التوصل إلى نتيجة.

يشكل الحركيون وأحفادهم اليوم مجموعة من مئات آلاف الأشخاص.

منذ عام 1974، قام العديد من أولاد الحركيين بإضرابات عن الطعام ومسيرات احتجاجية للاعتراف بمأساتهم وتحسين أوضاعهم.

عانى آباؤهم من اندماج صعب في فرنسا، إذ اعتبروا بمثابة مهاجرين فيما نبذهم المهاجرون في آن.

في العام ألفين، وصفهم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بأنهم “متعاونون”، ورغم انتقاده ظروف عيشهم في فرنسا استبعد عودتهم إلى الجزائر التي قال إنها “ليست بلدهم”.

في آب/أغسطس 2001، أعلنت فرنسا أول يوم تكريم وطني للحركيين في 25 أيلول/سبتمبر. في ذلك اليوم أعلن الرئيس جاك شيراك أن “المجازر التي ارتكبت عام 1962 بحق العسكريين والمدنيين والنساء والأطفال على حد سواء ستترك إلى الأبد بصمة الهمجية. ويجب الاعتراف بذلك”.

في 23 شباط/فبراير 2005، صدر قانون نص على علاوة لـ”الحركيين وأيتامهم والعائدين من أصل أوروبي”.

اعترف الرئيس فرنسوا هولاند رسميًا في 25 أيلول/سبتمبر 2016 بـ “مسؤوليات الحكومات الفرنسية في التخلي عن الحركيين والمذابح التي تعرض لها من بقي في الجزائر وشروط الاستقبال اللاإنسانية للعائلات التي نقلت إلى مخيمات في فرنسا”.

في عام 2018، رصدت “خطة للحركيين” 40 مليون يورو على أربع سنوات لتحسين الرواتب التقاعدية لقدامى المحاربين على وجه الخصوص ومساعدة أحفادهم الذين يعيشون في ظروف صعبة. وهو مبلغ اعتبره ممثلو الحركيين غير كافٍ في ذلك الحين.

وفي العام نفسه، حكم مجلس الدولة لأول مرة على الدولة بتعويض نجل أحد الحركيين بعد أن عانى من “عواقب” مرتبطة بظروف العيش “غير اللائقة” في المخيمات التي أقام فيها في فرنسا.

التعليقات مغلقة.