السودان.. الاحتجاجات متواصلة بسبب سيطرة العسكريين على السلطة

234

الأردن اليوم – واصل سودانيون مناهضون للعسكر، الثلاثاء، احتجاجهم على سيطرة العسكريين على السلطة وإخراجهم شركاءهم المدنيين من الحكم، بعدما قُتل أربعة أشخاص، وأصيب أكثر من ثمانين بجروح في الخرطوم برصاص الجيش خلال تظاهرات مناهضة لخطوته.

وفي مؤتمر صحفي، كشف قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان عن أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي أوقف الاثنين، ويطالب المجتمع الدولي بمعرفة مكانه والإفراج الفوري عنه، موجود معه في منزله.

وكان البرهان قد أعلن حال الطوارئ وتشكيل حكومة جديدة. كما أعلن حل مجلس السيادة الذي كان يترأسه والحكومة برئاسة عبدالله حمدوك وغيرها من المؤسسات التي كان يفترض أن تؤمن مسارا ديمقراطيا نحو الانتخابات والحكم المدني.

وتضمنت قرارات البرهان أيضا حل جميع الكيانات النقابية والاتحادات المهنية في السودان.

وكانت وزارة الثقافة والإعلام السودانية أعلنت الاثنين عبر صفحتها الرسمية في موقع فيسبوك “بعد رفضه تأييد الانقلاب، قوة من الجيش تعتقل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وتنقله إلى مكان مجهول”، مشيرة إلى توقيف عدد من الوزراء أيضا.

وقال البرهان في مؤتمر الثلاثاء “رئيس الوزراء موجود معي في المنزل وليس في مكان آخر … خشينا أن يحدث له أي ضرر”. وتعهد القائد العسكري بأن حمدوك سيعود إلى منزله “متى استقرت الأمور وزالت المخاوف”.

واعترف البرهان بقيام سلطات الأمن السودانية بتوقيف بعض السياسيين والوزراء وقال “صحيح اعتقلنا البعض وليس كل السياسيين أو كل الوزراء، ولكن كل من نشك في أن وجوده له تأثير على الأمن الوطني”.

وأكد البرهان أن العسكريين “ملتزمون بإنجاز الانتقال بمشاركة مدنية”، مشيرا إلى أن مجلس السيادة “سيكون كما هو في الوثيقة الدستورية، ولكن بتمثيل حقيقي من أقاليم السودان”.

وكانت لجنة أطباء السودان المركزية التي قادت الاحتجاجات ضد الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، أعلنت عبر موقع فيسبوك مقتل أربعة “ثائرين بإطلاق نار من قوات المجلس العسكري الإنقلابي”، خلال احتجاجات السودانيين ضد “الانقلاب”.

تسلم الجيش السلطة بعد أن أطاح في نيسان/أبريل 2019 نظام البشير الذي حكم السودان أكثر من ثلاثين عاما بقبضة من حديد، بعد انتفاضة شعبية عارمة استمرت شهورا. لكن الاحتجاجات الشعبية استمرت مطالبة بسلطة مدنية وتخللتها اضطرابات وفض اعتصام بالقوة سقط خلاله قتلى وجرحى.

في آب/أغسطس 2019، وقّع العسكريون والمدنيون في ائتلاف قوى الحرية والتغيير الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات ومُددت لاحقا. وبموجب الاتفاق، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين (مجلس سيادة يرأسه عسكري، وحكومة يرأسها مدني)، على أن تُسلم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة في نهاية المرحلة الانتقالية.

وحصلت محاولة انقلاب في أيلول/سبتمبر تم إحباطها، لكن المسؤولين قالوا على أثرها، إن هناك أزمة كبيرة على مستوى السلطة.

وبرزت إثر ذلك إلى العلن الانقسامات داخل السلطة،لا سيما بين العسكريين والمدنيين.

ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا مغلقا بشأن السودان بعد ظهر الثلاثاء وفق ما أعلن دبلوماسيون لوكالة فرانس برس الاثنين. وتُعقد الجلسة بطلب المملكة المتحدة وإيرلندا والنرويج والولايات المتحدة وإستونيا وفرنسا.

انشقاق سفراء

نشرت الصفحة الرسمية لوزارة الثقافة والإعلام السودانية المنحلة عبر موقع فيسبوك بيانا الثلاثاء يفيد بانشقاق سفراء السودان في فرنسا وبلجيكا وسويسرا وإعلان رفضهم الانقلاب.

وقال البيان الذي نقلته صفحة الوزارة عن السفراء “ندين بأشد العبارات الانقلاب العسكري الغاشم على ثورتكم المجيدة … وندعو الدول والشعوب المحبة للسلام إلى رفض الانقلاب، ونعلن إنحيازنا التام إلى مقاومتكم البطولية التي يتابعها العالم أجمع ونعلن سفارات السودان لدى فرنسا وبلجيكا وسويسرا سفارات للشعب السوداني وثورته”. وأكدت رابطة سفراء السودان أنها “ترفض وبحزم أي عمل انقلابي يهدف إلى تعطيل المسيرة الانتقالية لتحقيق الحكم المدني والديمقراطية في البلاد”.

وكانت رابطة سفراء السودان أكدت في بيان أنها “تقف بين صفوف منظمات الحرية والتغيير المهنية والنقابية والحزبية لإعلان الإضراب السياسي العام في كل مرافق الدولة حتى تعود الأوضاع إلى طبيعتها”.

وأدان المجتمع الدولي، على رأسه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، ما حدث في السودان من انقلاب وما تم اتخاذه من قرارات بواسطة البرهان.

وأدانت واشنطن الاثنين “بشدة” الانقلاب والاعتقالات التي طالت قادة مدنيين، داعية إلى العودة الفورية للحكم المدني والإفراج عن رئيس الوزراء المعتقل، كما قررت تعليق مساعدة مالية للسودان من 700 مليون دولار مخصصة لدعم العملية الانتقالية الديمقراطية.

من جهتها، دعت دول الترويكا (الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج)، سلطات الأمن في السودان إلى “الإفراج الفوري عمن احتجزتهم بشكل غير قانوني”، في إشارة إلى حمدوك وبعض القيادات السياسية المدنية.

وأضافت في بيان لها أن “تصرفات الجيش تمثل خيانة للثورة والعملية الانتقالية والمطالب المشروعة للشعب السوداني”.

وقال دبلوماسيون، إن أعضاء في مجلس الأمن يعتزمون مطالبة شركائهم بتبني إعلان مشترك، من دون الذهاب إلى حد إدانة الانقلاب، على أن يكتفي هذا الإعلان بالتعبير عن قلق مجلس الأمن.

وصرح دبلوماسي لفرانس برس بأن الهدف هو الحصول على دعم جميع أعضاء المجلس، لكن موافقة روسيا والصين أمر غير مؤكد.

دعوة إلى “المقاومة الشرسة”

منذ صباح الاثنين، انقطع الإنترنت بشكل واسع عن البلاد، وتوجد صعوبة بالغة في إجراء مكالمات هاتفية.

وحمّل مكتب حمدوك في بيان “القيادات العسكرية في الدولة السودانية المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة رئيس الوزراء حمدوك وأسرته”.

ودعا البيان “الشعب السوداني للخروج والتظاهر واستخدام كل الوسائل السلمية … لاستعادة ثورته”.

ووصف تجمّع المهنيين السودانيين، أحد المحركين الأساسيين للانتفاضة التي أسقطت البشير، الاعتقالات بأنها “انقلاب”.

وفي بيان عبر تويتر، دعا التجمع الى “المقاومة الشرسة للانقلاب العسكري الغاشم”. وقال “لن يحكمنا العسكر والميليشيات. الثورة ثورة شعب.. السلطة والثروة كلها للشعب”.

كذلك، دعت نقابة الأطباء ونقابة المصارف إلى عصيان مدني.

وحسب مراسل فرانس برس في الخرطوم، أغلقت جميع المحال أبوابها في العاصمة، باستثناء المخابز وبعض محال البقالة.

وقطع متظاهرون في بعض أنحاء الخرطوم طرقا وأحرقوا إطارات احتجاجا، وحملوا الأعلام السودانية وهتفوا “لا لحكم العسكر” و”ثوار أحرار سنكمل المشوار”، بينما قطع الجيش جسورا تربط الخرطوم بمناطق مجاورة مثل أم درمان وبحري.

وقال هشام الأمين المهندس البالغ من العمر 32 عاما، خلال أحد الاحتجاجات لفرانس برس “لن نغادر الشوارع حتى تعود الحكومة المدنية. ولن نقبل مرة أخرى بالشراكة مع العسكر”.

فيما قالت المتظاهرة السودانية الشابة هنادي حسين وقد حملت علم السودان “لم تُحقق أهداف الثورة حتى الآن … الحكم المدني الكامل”.

التعليقات مغلقة.