“نورد ستريم” حرق سفن

41
كتب د. حازم قشوع
نورد ستريم هو الخط الواصل بالغاز بين روسيا من جهة والمانيا وغرب الاتحاد الاوروبي من جهة اخرى، وهو الخط الذي لا يعتبر خطا تجاريا فحسب بالمفهوم الضمني، بل يعتبر خطا استراتيجيا بالمقياس المركزي وذلك لطبيعة تكوينه الرئيسي والمنفعي للعلاقة الرابطة بين الاتحاد الروسي والاتحاد الاوروبي كونه يعتبر شريان حياة للطاقة بين الجانبين .

إعطاب نورد ستريم يثير المخاوف حول مآلات الحرب الاوكرانية كونه فسر بسياسة (إحراق سفن) المتبعة لانهاء جدلية العودة للوراء من باب فتح ابواب الحوار بين موسكو وواشنطن كونها تستهدف قطع العلاقة الواصلة بين الكتلتين الغربية والشرقية في الشمال العالمي وهذا ما تؤكده ملابسات حادثة التفجير التي تشيير اصابعها تجاه الغرب الاوروبي وجبهة الناتو بعدما تم رصد هيئة الطائرات التي كانت تحوم بموقع الحادث قبلها بساعات وهو ما يؤكد ان ما تم ارساله عبر هذه الحادثة هي رسالة حازمة عازمة ان واشنطن حاسمة في مسألة وقف التمدد الروسي مهما كان الثمن .

وهو ما يبرهن ايضا ان نورد ستريم قد تم تفجيره بقصد اغلاق الباب وليس فقط مواربته وقطع الخط الواصل بين المانيا والغرب الاوروبي الذي سيتضرر كثيرا جراء قطع امتدادات الغاز الروسية مع اقتراب موسم الشتاء القارص وهو ما جعل من حادثة تعطيل نورد ستريم تغلق الباب امام محاولات المستشار الالماني شولتز في عودة فتح باب الحوار بين الناتو مع روسيا، وذلك بعد الاتصال الاخير الذي دار بين الرئيس الروسي بوتن والمستشار الالماني شولتز وبدأت تتشكل معه بيئة مؤيدة لهذا الاتجاه في المجتمع الاوروبي.

بعد ذلك، أخذت تتعالى اصوات اليمين الاوروبية تجاه المطالبة بوقف الحرب الاوكرانية وتنامي التيار المناصر لعودة العلاقات الروسية الاوروبية، وهو ما تم تجسيده من خلال فوز حزب اخوة ايطاليا وبروز نجم جورجيا ميلودي باعتبارها حالة ايطالية أوروبية لدينمو ظاهرة يمينية قادمة ستكون غير منسجمة مع الادارة الديمقراطية اليسارية في الولايات المتحدة.

وفي حادثة متصلة بسياسة حرق السفن المتبعة التي يبدو ان واشنطن وراءها، عملت الولايات المتحدة على تسليح اليونان بمعدات عسكرية متطورة توازي تلك التي تمتلكها تركيا، وكما اعادة رسم منظومو الضوابط والموازين في شرق المتوسط بعد ما سيطرت روسيا وتركيا على المياه الاقليمية ببحر ايجه وهو ما يجعل الجيش التركي بحالة استنفار شاملة، كما انه يأتي ايضا من باب سياسية حرق السفن التي ترسلها واشنطن لتحديد خطوط الاتصال وضوابطها .

وبهذا يكون المجتمع الاوروبي امام خيار واحد هو التعامل مع الحرب الاوكرانية واعلان الدخول فيها، وعليه ايضا مواجهة نتائج
كلف الغاز التي وصلت الى 200 ضعف لما كان عليه الحال قبل حرب أوكرانيا، كما على الاتراك وقف خطوط الوصل مع الروس في ميزان التعامل الدبلوماسي الواصل واعلان الحرب ان لزم الامر على اعتباره تركيا جزء من الناتو، وهو ما سيؤدي الى قطع خطوط الاتصال بين موسكو والجميع والابقاء على خط الوصل قائم عبر (الخط الاحمر ) او النافذة العسكرية التي تمتلك الخطوط العامة الاستراتيجية ولا تقف عند محددات سياسية آنية او دبلوماسية تكتيكية وهو ما يجعل من لغة الحوار بين البيت الأبيض والكرملين تأخذ منحي عميق بين الدولة العميقة في الجانبين بنهج التواصل ومراكز بناء العقد الواصلة .

حالة الشد هذه التي اظهرتها مناخات حرق السفن المتبعة اسقطت بظلالها على المجتمعات المتحركة في الضفة الغربية وثورة الحجاب في ايران وثورة الحكم في العراق، وهو ما ينذر لدخول المنطقة في مناخات ثورات متمدة قد تجتاح المنطقة اذا ما تواصلت سياسة حرق السفن المتبعة .

اترك رد