الميثان.. عدو أصغر “خفي” في معركة تغير المناخ

61

يتسبب الميثان في تسريع الاحترار العالمي بوتيرة أعلى من ثاني أكسيد الكربون 80 مرة، مع ذلك، يصب الجميع اهتمامه نحو التخلص من انبعاثات الكربون رغم أن التخلص من الميثان بمثابة أولوية.

عند جنوب جبال الألب، حيث بحيرة ماجيوري، في أحد أيام نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 1776، كان «أليساندرو فولتا»، عالم الفيزياء الإيطالي، يجمع الغاز المتصاعد من مياه البحيرة، والذي كان عبارة عن هيدروكربون عديم اللون والرائحة.

وفي عام 1778، استطاع فولتا أخيرًا عزل هذا الهيدروكربون، والذي نعرفه اليوم بغاز الميثان (CH4)، وهو المكون الرئيسي للغاز الطبيعي. بالإضافة إلى أنه واحد من غازات الاحتباس الحراري، المتسببة في الاحترار العالمي الذي يعاني منه كوكبنا الأرض في هذه الأثناء.

وبينما يخطط البشر للعمل على هدف خفض درجة حرارة الكوكب إلى 1.5 أو 2 درجة مئوية بحلول عام 2030. تأتي فكرة التخلص من غاز ثاني أكسيد الكربون في المقدمة، لكن ما لا يُدركه بعض الناس أنّ العمل على خفض نسبة غاز الميثان، سيُساعد في الوصول إلى هذا الهدف وتقليل مخاطر التغير المناخي.

بالطبع هذا لا يقلل من ضرورة العمل على خفض ثاني أكسيد الكربون، لكن ربما يكون العمل على خفض الميثان يستحق الأولوية.
لكن، من أين يأتي الميثان؟

هناك العديد من المصادر الطبيعية التي ينبعث منها غاز الميثان، أبرزها الغاز الطبيعي، لكن تشكل الأنشطة البشرية نصيب الأسد من إجمالي الانبعاثات، ويُشير «البنك الدولي» إلى أنّ هناك قطاعات بعينها مسؤولة عن 90 إلى 95% من المصادر البشرية العالمية للميثان، وهي: الطاقة والنفايات والصرف الصحي والزراعة، بالنسب التالية:

الزراعة: تُشكل الزراعة 41% من انبعاثات الميثان التي يسببها البشر، وتتضمن؛ غازات الماشية والأبقار، حرق النفايات الزراعية وزراعة الأرز وغيرهم. والزراعة هي أكبر مصدر لانبعاثات الميثان.
الطاقة: يُشكل قطاع الطاقة نسبة 35% من الانبعاثات البشرية للميثان، ويتضمن؛ استخراج النفط والغاز الطبيعي وتعدين الفحم وعمليات النقل.
النفايات والصرف الصحي: وتُشكل نسبة 20%، وتتضمن غاز الميثان المنبعث من معالجة مياه الصرف الصحي ومدافن النفايات.
الميثان أولوية

وفقًا لـ«وكالة الطاقة الدولية» (iea)؛ فالميثان مسؤول عن 30% من الارتفاع العالمي لدرجات الحرارة، وفي يناير / كانون الثاني من العام 2021، أصدرت «خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ» (C3S)، تقريرًا، تشير فيه إلى أنّ كمية غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعثة كانت 414 جزءا في المليون، بينما سجل الميثان المنبعث 1876 جزءا في المليار. ومن هذا يتضح أنّ انبعاثات البشر من غاز ثاني أكسيد الكربون أكبر من انبعاثات الميثان.

وعلى الرغم من ذلك، وُجد أنّ قوة الميثان في الاحترار العالمي أكبر من قوة ثاني أكسيد الكربون 80 مرة خلال السنوات العشرين الأولى من انبعاثه؛ لذلك فهو يساهم في رفع درجات حرارة الأرض أكثر من ثاني أكسيد الكربون، ويحتفظ بكميات أكبر من الحرارة، ما يسرع عملية الاحتباس الحراري؛ نظرًا لقوة تأثيره على المدى القصير على عكس ثاني أكسيد الكربون الذي يؤثر على الاحتباس الحراري على المدى الطويل. هذا في النهاية يسرع وتيرة المناخ نحو مستقبل مملوء بالفيضانات وفقدان المحاصيل وحرائق الغابات وظروف الطقس المتطرفة.

لذلك، يجب أن يأتي الميثان كأولوية؛ فإزالة انبعاثاته الزائدة من الغلاف الجوي أسهل، ويمكنها المساهمة في خفض درجات الحرارة العالمية كما هو مطلوب خلال وقت أقصر، وهذا ما تُوصي به دراسة منشورة في دورية «ذا رويال سوسايتي» (The Royal Society) في 21 سبتمبر / أيلول عام 2021.
تجنب المشكلة أم التعامل معها؟

وفي نفس الدورية، نُشرت دراسة في ديسمبر/ كانون الأول 2021، طرحت بعض الحلول لإزالة غاز الميثان من الغلاف الجوي، ولكن كان العائق هو التكاليف وبعض الاعتبارات الأخلاقية، ما جعل مؤلفو الدراسة بقيادة الدكتور «بيتر جونز»، يوصون بالحل الأمثل، وهو إيقاف انبعاثات غاز الميثان البشرية، وتجنب المشكلة بدلًا من التعامل معها. يمكن ببساطة تطوير وسائل جديدة؛ للاستعاضة عن مسببات انبعاث غاز الميثان.

اترك رد