فشل مشروع الشام الجديد ،، و عقدة المنشار الإيراني تُعيق مشروع انبوب نفط البصرة – العقبة

398

الأردن اليوم – المهندس سليم البطاينة – حملة شعواء غير مسبوقة تقودها قوى سياسية عراقية ضد مشروع أنبوب النفط العراقي باتجاه العقبة بحجة أنه سيخدم إسرائيل ويشكل غطاء للتطبيع معها حسب ما ذكرته صحيفة ( Israel hayom ) قبل عدة أيام.

فمشروع أنبوب النفط اصطدم بالتوترات الجيوسياسية والطائفية في العراق.

ومن أبرز المعترضين على المشروع هو نوري المالكي رئيس وزراء العراق السابق رغم أنه أثناء زيارته للأردن عام ٢٠١٢ أعلن موافقته على المشروع ، وعلي الأسدي رئيس مجلس النجباء الذي أصدر بياناً قال فيه ( ينبغي على الأردنيين أن يعلموا أن معركتهم خاسرة ومحكوم عليها بالفشل ، وإذا أرادوا فليجربوا ليروا بأم أعينهم ما سيحصل ومن يعينهم على ذلك ،،، ومن المعترضين ايضا ريان الكلداني زعيم مليشيا بابليون ، وقيس الخزعلي رئيس عصائب أهل الحق ،،، وهادي العامري رئيس منظمة بدر.

وسالم العبادي القيادي في مليشيات العصائب ، وجبار المعموري رئيس اتحاد علماء المسلمين المقرب من إيران ، وحجته أن الأنبوب هو جزء من مشروع الشام الجديد الذي يحمل في طياته اجندة خطيرة.

حتى مصطفى الكاظمي رئيس وزراء العراق الأسبق والذي يعد صديق الأردن والذي شكل في عامين فقط حالة استثناء بين نظرائه الذين تعاقبوا على رئاسة وزراء العراق رضخ لتلك المليشيات والقوى السياسية وماطل ولم يستطيع أن يفعل شيئاً.

هذا الموضوع أثار جدلاً واسعاً لدى الأوساط السياسية العراقية بشكل غير مسبوق ،،، فالنائبة في مجلس النواب العراقي ( حنان الفتلاوي ) أقامت دعوى أمام المحكمة الاتحادية العراقية ضد مشروع أنبوب النفط المزمع تنفيذه مع الأردن ،،،، وجميع القوى السياسية الموالية لإيران لوحت بالتوجه إلى المحكمة الاتحادية العليا من أجل وقف فكرة ذلك المشروع.

عملياً الرفض الأكبر للمشروع جاء من قوى داخل الإطار التنسيقي كان أبرزهم نوري المالكي وقيس الخزعلي.

فكتلة القانون التي يتزعمها نوري المالكي هي السبب الرئيس في التحريض ضد المشروع مع الأردن وهي السبب أيضًا في فرض الرسوم الجمركية على البضائع الأردنية التي وصلت ل ٦٠٪؜ ،،، وهي تعارض بيع النفط العراقي للأردن بسعر منخفض.

جميع المعترضين دعوا إلى أستثمار أنبوب النفط العراقي عبر السعودية باتجاه ميناء ينبع على البحر الأحمر الذي أغلق عام ١٩٩٠ ،، كونه جاهزاً لا يحتاج تكاليف كبيرة لإعادة تشغيله ويؤدي نفس الغرض ،،،،، وإن الأنبوب المقترح باتجاه خليج العقبة سينقل النفط لمسافة ١٧٠٠ كيلو متر ، وبكلفة تقديرية ٨،٥ مليار دولار مبدئياً.

المثير للاستغراب ان صحيفة الصباح الحكومية العراقية مباشرة بعد انتهاء زيارة رئيس مجلس النواب الأردني أحمد الصفدي قالت أن بغداد طلبت من السعودية إعادة فتح خط النفط المغلق تمهيداً لضخ النفط الخام حتى ميناء ينبع السعودي على البحر الأحمر.

وعودة إلى مشروع الشام الجديد الذي تهاجمه الكثير من القوى السياسية العراقية والمليشيات المسلحة المنتشرة داخل العراق الذين رأوا أن تحالف الشام الجديد يقوم على أسس هشة لا تقوى على مواجهة أية مشكلة ، ويسوق أوهاماً ستتبدد مع أول اختبار ! حيث ترى القوى السياسية العراقية ان العراق هو الخاسر الأكبر من تحالف الشام الجديد ،، لان العراق بحاجة إلى اتفاقيات استراتيجية مع دول ذات قدرات اقتصادية عملاقة.

رغم ان المتفائلين علقوا آمالاً كبيرة عليه ،،، فالتحالف أساساً قام على فكرة التعاون في مجال الطاقة ، أي مرور النفط العراقي إلى الأردن ومصر غرباً ، ومرور الكهرباء المصرية الى الاردن والعراق شرقاً ، لكن للأسف انحرف التحالف عن مساره الذي أنشىء من أجله منذ اللحظات الأولى بشموله لقضايا سياسية وأمنية.

نعم، لقد حان وقت إعلان فشل مشروع الشام الجديد ،،،، فالنفخ في هذا التحالف وتحميله مضامين سياسية وأمنية واقتصادية سيعرضه للفشل عاجلاً أم آجالاً ليلحق بسلفه مجلس التعاون العربي الذي ضم نفس الدول مضافاً إليها اليمن الشمالي ومنظمة التحرير الفلسطينية قبل ثلاثون عاماً.

فأينما يممنا وجهنا في العراق سنجد إيران في كل مكان ، فهي تملك الشارع العراقي ولها شرعية قوية فيه ،، وتستطيع ان تُحركه كيفما تشاء ، فإيران تعرف أوراقها جيداً داخل العراق وتلعب دور المُيسّر و المعرقل لأية مشاريع استراتيجية مع العراق.

فالدبلوماسية الأردنية الناعمة لم تُحقق أهدافها ! والأردن وحتى هذه اللحظة لم يشبك علاقات مع مختلف الأطراف الفاعلة على الساحة العراقية كما يفعل الإيرانيون والأتراك ،،،، والشيء الآخر أننا لم نأخذ بنصائح السوداني والخزعلي والعامري بتنشيط العلاقات الدبلوماسية مع إيران بإرسال سفير إلى طهران.

وبالتأكيد نحن لا ندعو أن يكون الأردن لاعباً سياسياً داخل العراق فهذا مستحيل ،،،، لكن لابد أن تكون الأولوية القصوى في سياستنا الخارجية للملف الإيراني لأنه يمتلك كافة الأوراق العراقية ،،،، ويجب ان نعرف هنا في الاردن أننا لا نستطيع تحرير علاقاتنا مع العراق دون فك عقدة المنشار الإيراني ،، وأننا لا نستطيع أيضاً شراء أو أحتواء الموقف الإيراني تجاهنا بالقطعة أو بالمفرّق كما يقولون في العامية ، فأما أن تشتري الحمل كاملاً أو توكل على الله وامشي في طريقك.

ولابد لنا من الاعتراف بأن مياهاً كثيرة مرت بعد عام ٢٠٠٣ تحت جسر العلاقات بين عمان وبغداد والتي بكل تفاصيلها تُعد شائكة جداً ! ولا يمكن فهمها بمعزل عن التاريخ والجغرافيا والطبوغرافيا والاشتباكات الذهنية بين البلدين.

فأنبوب نفط البصرة – العقبة بات أحد الملفات الخلافية الداخلية بين أطراف في الإطار التنسيقي في العراق ورئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني ، وأصبح لعبة ممّلة بقدر ما هي مُقيتة ، فعدم الاستقرار السياسي داخل العراق والبلوكاج الإيراني والتجاذبات السياسية ستكون عائقاً أمام أية مشاريع اقتصادية مستقبلية مع الأردن.

اترك رد