تحول عميق بالعقيدة العسكرية العربية

8٬732

بقلم : المهندس سليم البطاينه

تعتبر العقيدة العسكرية جزء أساسي في عملية بناء أي جيش ، واحدى محفزات العسكريين للاستمرار في عسكريتهم على أكمل وجه ،،،، وتُعرّف العقيدة العسكرية على أنها القيم التي تحكم سلوكيات ومواقف المؤسسة العسكرية ، وللتهديدات التي قد تتعرض لها الدولة وكيفية استعداد الجيش لمواجهتها ! والاهم من كل ذلك التحديد الواضح للعدو : ( من هو ؟ ).

بشكل عام فإن معنى كلمة عقيدة يدل على ما عَقد عليه القلب والضمير كمبدأ ،، وهذا المعنى مرتبط بالروحانيات.

الجيش ليس مؤسسة عسكرية فقط بل هو رافعة الدولة وصمام أمنها ،، ومن هنا نجد ان العقيدة السياسية ايضاً تفرض نفسها بقوة على كل ما له علاقة بالبناء الهرمي أو الأفقي للسياسات العامة ومنها السياسات العسكرية والامنية التي تتحدّد معالمها من خلال العقيدة العسكرية ،،،،،، فالحرب بيننا وبين إسرائيل هي حرب عقيدة قبل كل شيء ، والعقيدة لا تحارب إلا بالعقيدة ،، والصهيونية مغلفة بغلاف سياسي ،،، فـ هي من تقتل الفلسطينيين وهي من تحتل أراضي الجولان ،، وجيشها من يُدنس المسجد الاقصى ويمارس القتل والدمار ،،، و اسرائل لن تكتفي بفلسطين ولا بالجولان فقد وضعت شعاراً على باب الكنيست يقول ( أقيموا دولة إسرائيل من النيل إلى الفرات ! )

لنتذكر ما قاله مؤسس دولة اسرائيل بن غوريون إن خريطة إسرائيل ليست هذه ! فهناك خريطة أخرى وعلى الامة اليهودية أن توسّع رقعتها من الفرات الى النيل ،،، والتوارة والسيف أُنزُلا علينا من السماء ! وإسرائيل لا يمكن لها أن تعيش إلا بقوة السلاح.

الخوف الذي أتحدث عنه من الممكن تسميته بأنه نوع من الشعور بالانكسار والرعب لأن العقيدة العسكرية العربيه أنتابها الكثير من الضعف والضبابية ، حتى بات من الصعب التأكيد على ان هناك فعلاً ما يمكن ان نطلق عليها عقيدة عسكرية عربية ! فما حصل للأسف انه قد تم تفريغ غالبية دول المنطقة من جيوشها لصالح إسرائيل ،، وتم جمع السلاح حتى من ايادي المواطنين وتجريم كل من لديه قطعة سلاح،،، علمًا أن كل اسرائيلي داخل الاراضي المحتلة يحمل قطعة سلاح.

ذلك يشكل قمة الانكسار والاستسلام ، فقد أصبحت الجيوش العربية هي الهدف الاساسي للإستراتيجية الامريكية الصهيونية بتقليص أعدادها وطوي أعلام وحداتها المقاتلة كالمدفعية والدروع ،، الخ ، والعمل على زيادة قوات الامن الداخلي على حساب اعداد الجيوش.

الخطر ما جرى ويجري من عبث متعمد وبفعل فاعل بالعقيدة العسكرية العربية ، فقد تغيرت العقيدة ورُبِط القرار السياسي الحاكم للجيوش العربية بالقرار الصهيو – أمريكي ،،، وبات المواطنون العرب يشعرون بالخوف مما هو قادم خصوصاً عندما يتعلق الامر بالعقيدة العسكرية وبالجيش الوطني والمؤسسة العسكرية العاملة ضمن إطار العقيدة العسكرية العربية التي كانت تعتبر ان الجندي الاسرائيلي هو العدو وإسرائيل هي الخطر الوجودي.

لابد ان يكون هناك وعياً لمفهوم الدولة ودور الجيش ،، فالقوة الداخليه هي أساس القوة الخارجية ، وعلينا ان نعيد الحسابات وننظر الى ما حولنا ،فما نشاهده من استدعاء لشياطين الارض للتواجد على الارض العربيه هدفه تدمير قوة الجيوش في المنطقة والاقليم لحماية إسرائيل.

في دراسة حديثة صدرت في ابريل 2023 لمركز ( Begin-Sadat Center for Strategic Studies ) في إسرائيل، عبّر الخبراء العسكرين الاسرائيليين عن رضا عميق لما تم من تدمير وتفكيك للجيوش العربيه ، وتغيرٍ لعقيدتها.

مخجل جداً ما نراه من جمع العرب بالعصا الامريكية وسوقهم كالخراف نحو إسرائيل ،،،،،، فالعرب واوطانهم باتوا هم الوقود المستباح في معارك اقليمية ودولية قادمة ! والمسؤولين العرب هم القوة المُحركة لكل ذلك الانكسار والخراب القادم ،، والخضوع للإرادة والإدارة الصهيونية الامريكية.

رغم ما قد يبدو من سوداوية في المشهد ، دعونا نُسرع في الزمن ونمرر سبعة عقود منه لنقف على حالنا اليوم كأمة عربية لنسأل : من هو عدونا الحقيقي ؟ وهل الدول العربية ما زالت مشمولة بعدو واحد ؟ أم لكل دولة عدو ؟

هذه الامة لا بد من ان يأتي من يوقظها من سباتها العميق ويبعث فيها عزتها وكرامتها ،،، وآن الأوان لرفع الصوت والسؤال عما إذا كان هنالك من قرر ومن طرف واحد تغيير العقيدة العسكرية للجيوش العربية.

نقول وبأعلى صوت أمن إسرائيل ليس أمننا ، وإسرائيل ليست جاراً بل عدواً.

التعليقات مغلقة.