الجدليّة في علاقة الغرب والاسلام السياسي ، معهم في المعارضة وضدهم في السلطة !

1٬425

المهندس سليم البطاينه

 

كتب الماركسي الانجليزي Chris Harman مقالاً شهيراً عام ١٩٩٦ عنوانه ( النبي والبروليتاريا ) حاول من خلاله صياغة معادلة واضحة في التعامل مع الإسلام السياسي ،،، وقال أن النكتة أحياناً موجعة حين تكسر حاجز المعقول ! ( الغرب يكون مع الإسلاميين عندما يكونوا في المعارضة و ضدهم عندما يكونوا في السلطة ! ).

أستذكر هُنا ما قاله المفكر اللبناني ( جورج قرم ) في كتابه المسألة الدينية في القرن الواحد والعشرين ) وأقتبس بعضاً مما جاء به ( أن ما بين الشرق والغرب جدار منيع من الأفكار المسبقة والسطحية يدفع مجتمعاتها الى تقوقع على الذات وعداء الاخر.

شخصياً أرى أن العلاقة بين الغرب والاسلام السياسي لم تخلو من التِباس وهواجس مجبولة بنظرية المؤامرة ،، والمشكلة برأيي لا تتعلق بطبيعة العلاقة بقدر ما تكمن في طبيعة العقل القارىء لهذه العلاقة ! فـ الذي يحكم قرارات وسلوك الغرب هي حسابات الربح والخسارة المتأصلة في هذا الفكر الغربي.

وهذا ما أكده بشكل أو بآخر عالم الاجتماع الفرنسي Francois Burgat في كتابه ( الإسلام السياسي المغاربي ) في أن الإسلام السياسي بدون ادنى شك هو الوريث الشرعي لحركات التحرر الوطني ،، وأن الخطاب العنصري ضد المسلمين صناعة دولية مشتركة مع الأنظمة الاستبدادية العربية.

ما بالُنا لا ننكُش الذاكرة و نستحضر التاريخ ؟

لقد وظف الغرب الرأسمالي ورقة الإسلام السياسي أثناء الحرب الباردة ! ووضعها بيده و خلقها من العدم ! وأستطاع في كثير من الأوقات التحكُم فيها تحكُماً مطلقاً ! ولا يغيب أيضاً عن ذاكرتُنا أن أمريكا راهنت وقتاً طويلاً من الزمن على الإسلام السياسي في حربها على الشيوعية وعلى القومية العربية ،، وعلى حركات التحرر الوطني.

لكن مع نهاية سقوط المعسكر الشيوعي لم يكن سهلاً التخلص من الإسلام السياسي باعتباره ذخيرة منتهية الصلاحية ! بل تم السماح لتيارات اسلامية كثيرة ان تُمثل قوة سياسية وأن تُسوّق نفسها كنوع من البديل السياسي أحياناً في معظم البلدان العربية المسلمة.

الغرب بشكل عام إذا لم يواجه تهديداً حقيقياً سيقوم باختلاق أعداء وهميين أو عدو واحد على اقل احتمال من أجل بقائه.

لذا قامت الدول الغربية صاحبة النفوذ بمحاربة الفاشية خلال النصف الأول من القرن العشرين ، وبعد ذلك حاربت الشيوعية التي يمثلها الاتحاد السوفيتي خلال النصف الثاني من القرن العشرين ! وبعد انهيار الشيوعية تم شيطنة الإسلام واستَبدَل الغرب خطر الشيوعية بخطر الإسلام ،، رغم أن الاسلام لا يشكل تهديداً سياسياً أو عسكرياً للعالم والغرب خاصة.

جميع استطلاعات الرأي الشعبية في منطقة الشرق الأوسط تُظهر بقوة أن الإسلام السياسي في طريقه للعودة من جديد في غالبية الدول العربية ، وسيُمثل قوة انتخابية ضارية ! فـ قبل معركة غزة كانت الاحزاب الاسلامية تلعب دوراً أصغر في سياسة المنطقة ! لكن بعد غزة ستكتسب فكرة دور الدين في السياسة قبولاً أكثر في عقول وقلوب الناس في المنطقة.

التعليقات مغلقة.