الملكة تستعرض دور وسائل التواصل الاجتماعي في نقل واقع الحرب على غزة ‏

1٬621

وظفت جلالة الملكة رانيا العبدالله مشاركتها اليوم في قمة الويب المنعقدة في قطر للتأكيد على ان ‏الواقع الافتراضي على وسائل التواصل الاجتماعي نقل ‏الحربعلىغزةبتفاصيلهاالمرعبةولحظاتهاالدموية.‏

وأمام حشد كبير من الحضور قالت جلالتها “شاهدنا كيف انقلبت مساحاتنا على وسائط التواصل ‏الاجتماعي وتحولت الصور الملونة التي كانت تعج بها حساباتنا إلى مشاهد أحادية اللون: أكفان ‏بيضاء، أنقاض رمادية وشاشات بيضاء وسوداء تتوسطها تحذيرات من قسوة المحتوى”‏‎.‎

وأضافت “أتردد مرات عديدة في مشاهدة ما وراء هذه التحذيرات. فبعد أكثر من 140 يوماً من ‏الحرب أعلم تماماً ما ينتظرني: لقطات مروعة للحياة والموت من ذلك المكان الذي أصبح الأكثر ‏بؤساً في عالمنا. رضع تغطي أجسامهم حروق موجعة، أطفال استبدلت أطرافهم بضمادات غارقة ‏بالدماء، وأمهات يكشفن الأكفان عن وجوه ملائكية لقبلة وداع أخيرة”‏‎.‎

وقالت “أعتقد لبرهة، وأنا أقلب مشاهد تلك الحرب التي خلت من الرحمة، أن الحال لن يزداد ‏سوءاً… إلا أنه يتفاقم. يهوي مقياس الإنسانية إلى مستويات جديدة‎.‎أفعال لا يمكن تصورها… ‏أصبحت أموراً اعتيادية: مستشفيات تتعرض للقصف، أماكن عبادة تُدمر، مدنيون يقتلون وبأيديهم ‏الرايات البيضاء.”‏

وأضافت جلالتها “سواء على الإنترنت أو أرض الواقع، لم تخدم المعايير المبهمة الفلسطينيين ‏يوماً. انظر إلى الأسس العالمية لحقوق الإنسان، القانون الدولي، والقيم العالمية للمساواة والعدالة، ‏ستجد ان بعض المبادئ الأساسية تُعرّف من جديد لتبرر مستوى من العنف لا يمكن تبريره ‏إطلاقاً.”‏

وأشارت إلى أسئلة يتردد صداها في أرجاء العالم،وتساءلت لماذا يُشجب قتل البعض لكن يبرر قتل ‏آخرين؟ لماذا يعتبر حرمان طفل من الطعام جريمة، في حين يعتبر تجويع مليون طفل غزي ‏نتيجة مقبولة للحرب؟ وما فائدة تغيير الاعتقادات ان لم نستطع تغيير الواقع؟لماذا يجب اختبار ‏إنسانية الفلسطينيين؟لماذا على البعض ان يعمل على قدم وساق لنيل التعاطف، في حين يقدم ‏للآخرين بلا مقابل؟ وما أهمية إيمان الملايين بأنك قد تعرضت للظلم، إذا سُمح للظلم بالاستمرار؟ ‏

وقالت “لم يكن أهل غزة يوماً أكثر ارتباطاً بالعالم من أي وقت مضى – لكنهم لم يكونوا أكثر ‏عزلة في الوقت ذاته. قُطعت عنهم سبل الماء والغذاء والدواء والوقود وكل ما يلزم لاستمرار ‏الحياة، لكنهم استمروا في استخدام هواتفهم للوصول إلينا.”‏

وأضافت “قد حلم الفلسطينيون بذاك اليوم الذي سيخبرون فيه قصتهم للعالم. واليوم أصبح صوتهم ‏مسموعاً بوضوح، لكن بأي كلفة؟” مشيرة الى أن “الدعم الجماعي جاء على حساب القتل ‏الجماعي.”‏

وشددتجلالتها “نحن بحاجة لوقف لإطلاق النار. وقف للدمار، وقف للنزوح.. ووقف للحرمان ‏المتعمد.يجب على هذه الحرب ان تنتهي الآن. العرقلة المتعمدة لدخول المساعدات يجب ان ‏تنتهي. وعلى الرهائن والمعتقلين من كلا الطرفين ان يعودوا إلى بيوتهم”.‏

وقالت “لكن هذه هي البداية فقط.فالفلسطينيون يريدون ما يعتبره أغلبنا حقوقاً بديهية: حقهم في ‏تقرير المصير، القدرة على حكم أنفسهم بكرامة وأمان. والتحرر من الاحتلال.ولا يمكن تحقيق أي ‏من ذلك، دون دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل”.‏

وأضافت “التضامن مع الفلسطينيين يجب ان لا يكون أمراً عابراً. فالملايين ممن رفعوا أصواتهم ‏يجب ألا يسمحوا بتراجع قصة فلسطين إلى الهامش مرة أخرى”. مشيرة إلى انه “حين نُخفق في ‏الوقوف مع الحق، نُقر بلا منازع بكل ما هو باطل”.”فكل صوت يحمل في مداه أمواجاً من ‏الإمكانية. إن اتحدَت ستخلق واقعاً جديداً للشعب الفلسطيني.”‏

وقالت “بلا شك، ما من قوة تفوق قوة جموعٍ عالمية واعية وممتعضة تطالب بنهاية ظلم ‏تاريخي.بإمكان الضغط الشعبي ان يعيد رسم المستقبل. فالتضامن الجماعي أجبر قادة على اتخاذ ‏خطوات اعتُقِد أنها مستحيلة… لزوال العبودية … لإنهاء التفرقة العنصرية … لإسقاط ‏الجدران.فالتغيير ممكن، والظلم قابل للزوال”.‏

وأكدت”علينا ان نُصر على عالم حيث السلام والكرامة والحرية هي حقوق بلا منازع.لأجلكم ‏ولأجلنا… ولأجل شعب فلسطين.لأن قصتهم هي جزء من قصتنا. وفي وقوفنا معهم، نقف مع ‏أنفسنا أيضاً.”‏

وفي كلمتها رسمت جلالتها تدرجاً موضوعياً للقضية الفلسطينية حيث قالت “بالتأكيد، فتحت ‏هجمات السابع من تشرين الأول فصلاً جديداً في صراع طويل. لكن القصة الأكبر امتدت لسنوات أطول ‏من أعمار معظمنا: خمسة وسبعون عاماً لم ينعم الفلسطينيون خلالها يوماً بالسلام‎.‎‏”‏

وقالت “لوقت طويل، تم تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم ومصداقيتهم… وتم تحويلهم إلى شعب ‏يمكن استباحته دون عواقب.تم تجاهل واقعهم كشعب تحت الاحتلال، وتشويه مجتمعهم المتنوع ‏من أطباء وأساتذة وناشطين، وسحق وتجريم محاولاتهم العديدة للمقاومة غير المسلحة – من ‏حملات الإضرابات والعصيان المدني التاريخية إلى مسيرة العودة الكبرى في غزة.”‏

ونوهت إلى انه”تم اختزال الشعب الفلسطيني إلى أعداء في رواية لطرف آخر – صُوروا للعالم ‏على أنهم تهديد للأمن أو إرهابيين‎.‎لكن اليوم، ولأقسى الأسباب، أصبح الفلسطينيون على مرأى ‏العالم. فبعد ثلاثة أرباع قرن من بداية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، رأى الملايين حول العالم ‏للمرة الأولى ما يعنيه أن تكون فلسطينياً.”‏

وأضافت “أفعال الحرب لا تكون دائماً واضحة على هيئة قصفجوي أو كمين أو عملية ‏اختطاف.أحياناً، يأتي العنف على صورة حصار مطبق يمتد لأكثر من سبعة عشر عاماً، أو عقود ‏من عمليات القتل اليومية. يأتي على شكل نقاط تفتيش أو جدار عازل أو عنف من مستوطنين ‏مسلحين أو اعتقالات بلا سبب واهانات لا تنتهي تحت وقع احتلال عسكري‎.‎‏”‏

وقالت جلالتها ان “هذه هي مشكلة ما يسمى بحلقات العنف: لا يوجد اتفاق من أين تبدأ القصة، ‏ويركز كل طرف على معاناة شعبه ويقلل من معاناة الآخرين – ودوائر الصدى الرقمي تشجع ‏حالة التمترس بأن رأينا هو الوحيد الصائب”.‏

وأضافت “دوائر الصدى في أذهاننا مبرمجة على رفض أي حقائق أو معلومات لا تؤكد قناعاتنا. ‏ومع ذلك، الحرب في غزة والتي تبث للعالم مباشرةً، أظهرت بشكل واضح الاختلال في موازين ‏القوى الذي أملى قصة هذا الصراع.وقد دُفع الكثيرون في الغرب للشك بمصداقية الصورة التي ‏طُبعت في أذهانهم عن القضية الفلسطينية، وأنهم قد لا يمتلكون القصة الكاملة لها.” مشيرة إلى انه ‏‏”عندما يُسلب أحد أطراف الصراع من حقه في سرد الرواية، لا يبقى أمامنا إلا رواية منقوصة”‏‎.‎

وأكدت “ليس من السهل زعزعة القناعات الراسخة، لكن عندمانخرج من أريحية ما هو مألوف ‏نجد الفرصة للفهم والتواصل والنمو”. منوهة إلى انه “يمكن لأحدهم القبول بأن قيام دولة إسرائيل ‏كان – بالنسبة للكثيرين – بمثابة رد على ظلم تاريخي، وفي الوقت ذاته يُقر أن ذلك أوجد ظلماً ما ‏زال قائماً على شعب آخر”. ‏

وقالت “لكن العديدون ممن عبروا عن هذه المشاعر واجهوا رد فعل سلبي، وكأن المساواة بين ‏قيمة حياة الفلسطينيين والإسرائيليين هي جريمة. وكأنما الفلسطينيون موجودون خارج حدود ‏إنسانيتنا.”‏

وتعد قمة الويب قطر الحدث الافتتاحي لقمة الويب العالمية في الشرق الأوسط، والتي تدير عدداً ‏من الأحداث التكنولوجية في العالم. ويجمع المؤتمر الذي يستمر لأربعة أيام ألف شركة ناشئة من ‏‏80 دولة من بينها الأردن، وتستقطب القمة نحو 12 ألف مشارك من أكثر من 120 دولة. ‏

التعليقات مغلقة.