منظمة العمل الدولية تطلق حملة للتأكيد على بيئة خالية من العنف والتحرش

أطلقت منظمة العمل الدولية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، حملة تفاعلية للتأكيد على حق العمال والعاملات في بيئة خالية من العنف والتحرش، اللذين يؤثران على ملايين الأشخاص حول العالم، بما في ذلك في الأردن، الذي بدأ في اتخاذ خطوات حماية في الاتجاه الصحيح.

وتهدف الحملة، التي تستمر 4 أيام، إلى حشد دعم شعبي ورسمي لإيجاد تشريعات تكفل حق المرأة والرجل في عالم عمل خال من العنف التحرش، تزامنا مع الذكرى السنوية الأولى لإطلاق الاتفاقية (رقم 190) المصادفة في 21 حزيران/يونيو من كل عام.

ونشرت الحملة رسائل قصيرة من أشخاص تأثروا نفسيا، صحيا، واقتصاديا بالعنف والتحرش في عالم العمل، الذي تفاقم بسب تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد.

وتعرف اتفاقية منظمة العمل الدولية (رقم 190) العنف والتحرش بأنه “نطاق من السلوكيات والممارسات غير المقبولة أو التهديدات المرتبطة بها، سواء حدثت مرة واحدة أو تكررت، التي تهدف، تؤدي، أو يحتمل أن تؤدي إلى إلحاق ضرر جسدي، نفسي، جنسي، أو اقتصادي، وتشمل العنف والتحرش على أساس النوع الاجتماعي”.

وتقر الاتفاقية بحق كل فرد في عالم عمل خال من العنف والتحرش، بما في ذلك العنف والتحرش على أساس النوع الاجتماعي، موفرة حماية واسعة تنطبق على القطاعين العام والخاص، والاقتصاد المنظم وغير المنظم، وفي المناطق الحضرية والريفية.

وقالت اختصاصية النوع الاجتماعي في منظمة العمل الدولية، ريم أصلان، إن الاتفاقية (رقم 190) “توفر أدوات تسهم في تطوير استراتيجيات استجابة وتعافي من جائحة كوفيد-19، التي فرضت تحديات كبيرة على عالم العمل، وتعزز بناء بيئة للعمال والعاملات خالية من العنف والتحرش”.

وتهدف المنظمة الدولية إلى تعزيز العمل اللائق للمرأة والرجل؛ لضمان عملهما في كرامة، مساواة، وأمان، وتعمل مع شركائها الاجتماعيين، أصحاب/صاحبات العمل، والحكومة لتكفل عملا لائقا للعمال/العاملات في القطاعات كافة.

رئيسة ديوان التشريع والرأي، فداء الحمود، أكدت أن “تمكين المرأة سياسيا ودعمها اقتصاديا وتشجيعها اجتماعيا يحد من ظاهرتي العنف والتحرش، إذا لم يضمن إيجاد مجتمعات تخلو من العنف والتحرش”.

وتبنت وزارة العمل سياسة لمنع العنف والتحرش في عالم العمل ومدونة سلوك، ورفعت الحكومة إلى مجلس النواب تعديلات للمادة 29 من قانون العمل توافقت عليها مع مؤسسات من المجتمع المدني بعد الأخذ بتوصياتها عبر جلسات حوارية نظمتها منظمة العمل الدولية مع شركائها الاجتماعيين.

وشجع برنامج “عمل أفضل” المشترك بين منظمة العمل الدولية ومؤسسة التمويل الدولية على تنفيذ سياسات وتدريب ضد التحرش في مصانع النسيج في الأردن؛ فازداد فهم العمال/العاملات، والإدارات لآثار التحرش الجنسي بنسبة أكثر من 40%، وانخفضت مخاوف العمال/العاملات منه بنسبة 18%.

وقال رئيس اتحاد نقابات عمال الأردن، مازن المعايطة: “عملنا ونعمل على التوصل إلى اتفاقيات عمل جماعية تمنع وتجرم العنف والتحرش في أماكن العمل عبر مفاوضات جماعية يتبعها برامج توعوية وتدريبية لإيجاد بيئة خالية من العنف في عالم العمل”.

وسجلت دراسة أجرتها اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة قبل نحو عامين وشملت 1366 شخصا، غالبيتهم من الإناث، نسبة معدل انتشار التحرش الجنسي بأنواعه المختلفة بـ 75.9%.

وأشارت الأمينة العامة للجنة سلمى النمس إلى أن “مكان العمل تتحقق فيه الذات، والعمل جزء أساسي من تحقيق الذات والإسهام في تحسين الدخل، والوضع الأسري، ولذلك من المهم تعزيز أماكن العمل وصورتها عبر إيجاد آليات تضمن خلوها من العنف والتحرش”.

وأضافت “التحرش جريمة، ومسؤوليتنا كدولة ومؤسسات قطاع عام وقطاع خاص أن نضمن أن تكون بيئة العمل خالية من التحرش والعنف حتى تستطيع النساء والرجال ممارسة حقهم في العمل، وتحقيق ذاتهم دون شعور بأي خوف”.

وبينت دراسة أجرتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية عام 2018، أن 75.3% من الأردنيات اللواتي تعرضن للتحرش في مكان العمل لم يفكرن في اتخاذ إجراءات قانونية.

ويعد العنف الاقتصادي، وهو جزء من العنف على أساس النوع الاجتماعي، الأكثر شيوعا في المغرب بعد العنف الجسدي، بحسب دراسة أجرتها وزارة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية بدعم من الأمم المتحدة.

ودعت عضو مجلس النواب، وفاء بني مصطفى، إلى تجريم التحرش الجنسي، قائلة: “نص صريح يجرم التحرش الجنسي في مكان العمل، ويفرض عقوبات رادعة، تبقى الحماية القانونية للعاملات قاصرة عن دعم نضالنا لرفع المشاركة الاقتصادية للنساء”.

ووفق الإحصاءات المتوافرة من الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، واتحاد النقابات العمالية الدولي، في عالم العمل تتعرض إلى تحرش أو عنف 77% من الإناث في إفريقيا؛ 45%-55% في أوروبا؛ و30%-50% في أميركا اللاتينية؛ و30%-40% في آسيا ومنطقة المحيط الهادي.

وبحسب دراسة دولية حديثة لمنظمة العمل الدولية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة لمختلف مكونات عالم العمل، بينت الأبحاث في الولايات المتحدة أن أكثر من 50% من الإناث العاملات في المجالات الأكاديمية، ونحو 20%-50% من الطالبات الأكاديميات يتعرضن إلى تحرش في الكليات والجامعات.

الاتفاقية (رقم 190) والتوصية المرافقة لها (رقم 206) تهدفان إلى ضمان ألا يتعرض أحد للعنف والتحرش في عالم العمل، وتحمي الاتفاقية العمال/العاملات والأشخاص الآخرين في عالم العمل، حيث تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ بعد مصادقتها من قبل دولتين من الأعضاء بمدة 12 شهرا، وهي خطوة اتخذتها بالفعل أوروغواي هذا الشهر.

وتدعو منظمة العمل الدولية الدول الأعضاء كافة إلى مصادقة الاتفاقية (رقم 190)، تقوية تدابير الوقاية في عالم العمل، تعزيز قاعدة المعرفة بشأن العنف والتحرش في عالم العمل، وضمان وصول المتعرضين/المتعرضات إلى العنف والتحرش إلى العدالة والإنصاف/التعويض بأمن وسهولة.