على أعتاب مئوية الأردن الأولى: نصوص قانونية عمرها 95 عامًا تحتاج للتعديل

 الاردن اليوم –يطوي الأردن الأشهر الأخيرة من مئويته الأولى، وما زالت هناك نصوص قانونية قديمة تجاوز عمرها الـ95 عامًا، تبحث عن تعديل وايقاف، ويستحيل تطبيق أحكامها في الظروف الحالية للمجتمع الذي نما وتطور وتغير كثيرًا.

وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، فتحت 13 قانونًا صدرت منذ عام 1925، واحتوت على أكثر من 70 نصًا قديمًا وما زالت سارية حتى الآن، أمر يؤكد مختصون في التَّشريع والقانون، أنَّ من الضَّرورة اليوم تنظيف كلِّ التَّشريعات الأردنية من هذه النُّصوص القديمة والتي أصبح وجودها لا يتناسب مع حداثة الدَّولة وتطورها.

وخلال رصد (بترا)، تبين وجود قانون الرِّفق بالحيوان والصَّادر بعدد الجريدة الرَّسمية رقم 116 عام 1925، والذي يشير إلى استخدام عُملة الجنيه في إحدى العقوبات المالية، ويستخدم مصطلح “جلاوزة البلدية”، ويعيد المادة 10 منه الى قانون الجزاء العثماني الذي مضى عليه عمرًا طويلًا.

قانون الحِراسة أيضًا من القوانين القديمة جدًا ويضم 18 مادة، وصدر بعدد الجريدة الرَّسمية رقم 102 لسنة 1925، والذي فرض في مادته السَّادسة على أهالي القرى والقصبات القيام بكسوة الخفراء كسوة خاصة، وما زال ساريًا حتى اليوم، رُغم أنَّ هناك وزارات ومؤسسات عسكرية تقوم بهذه المهمة.

وتحظر المادة الرابعة من قانون مقاومة الملاريا الصَّادر في عدد الجريدة الرَّسمية رقم 130 عام 1926، زراعة الأرز دون ترخيص من دائرة الصِّحة حيث إنَّ الأردن اليوم لديه وزارة صحة وليست دائرة، كما يفرض القانون غرامات بعملة الجنيه، ويتضمن 10 مواد تشريعية.

ويستخدم قانون رسوم عقد النكاح الصَّادر في عدد الجريدة الرَّسمية رقم 206 عام 1928، مقدارًا للرسوم لم تعد تستخدم في عصرنا الحالي، وتقول إحدى مواده الأربعة بأن يُستوفى 500 مل رسمًا مقطوعًا عن كلِّ عقد نِكاح بدلًا من الرَّسم 350 ملًا والمقرَّر أخذها الآن. وتبين لـ(بترا) الغاء 15 قانونًا ضمن المادة 475 من قانون العقوبات ساري المفعول والصَّادر عام 1960، في عدد الجريدة الرَّسمية رقم 1487، لكنه ما زال يحتفظ بنصوص قانونية قديمة تحتاج الى تعديل، من بينها المادة 332 والتي تُعاقب بالاعتقال مدَّة لا تنقص عن 5 سنوات للأم التي تسبَّبت –اتقاء العار- بفعل أو ترك مقصود في موت وليدها من السِّفاح عقب ولادته.

وما زال قانون تسليم المجرمين الصَّادر عام 1927 يستخدم مسميات قديمة جدًا تغيرت مع تطورات المملكة، حيث إنَّ مفردات إمارة شرقي الأردن ما زالت حاضرة في القانون رُغم أنَّ الأردن تحول الى مملكة منذ عشرات السِّنين.

وألغى الأردن قانون سجلات الأراضي رقم 30 لسنة 1944، والذي أعطى المندوب السَّامي في شرق الأردن حقوقًا على سجلات الأراضي الموجودة في فلسطين، وهو قانون قديم تجاوز عمره 76 عامًا.

وتضمنت القوانين القديمة في التَّشريعات الأردنية قانون إبطال الرّق عام 1929، والذي يكافح جريمة الرِّق ويمنح المحكمة الشَّرعية الحقَّ بإعطاء شهادة اعتاق الى الأشخاص الذين نالوا حريتهم بمقتضى أحكام القانون، بالإضافة إلى قانون تراجم السِّياح عام 1927، والذي احتوى على عقوبات مالية بالجنيه المصري.

رئيسة ديوان الرأي والتَّشريع فداء الحمود، قالت لـ(بترا)، إنَّه ومنذ بداية العام 2020، تمَّ استحداث مديرية جديدة في الدِّيوان تحت مسمى “مديرية تطوير التَّشريعات”، ومهمتها دراسة نصوص قانونية، وُضعت لتناسب ازمنة قديمة ولم يتبق لها استخدام الآن وسيتم العمل على اتخاذ ما يلزم من أجلها من الإجراءات التشريعية المنصوص عليها في الدستور.

وبينت أنَّ هناك نصوصًا قانونية ما زالت تستخدم مصطلحات قديمة، ولذلك فإنَّ العمل سيجري لدراستها والغاء ما لا يوجد مبرر لبقائه في التَّشريعات الحالية، ذلك أنَّ المجتمع والحياة في الأردن قد تغيرا منذ سَن تلك القوانين واستخدامها ولَم تعد لهذه المفردات والمصطلحات ايُّ دِلالة في هذا الوقت.

ولفتت الى أنَّ تنقيح التَّشريعات من هذه النصوص لا يُحمِّل الخزينة أيَّ أثر مالي، حيث إنَّ أيَّ قانون يتمُ تقديمه تسبقه دراسة لأثره المالي على الخزينة العامة وسيتم مخاطبة متخصصين في تلك التشريعات عند القيام بهذه الخطوة.

وبينت أنَّ تنقيح التَّشريعات الأردنية من الكلمات والنصوص القديمة التي لم تعد تصلح للاستخدام في هذه الفترة ضمن خطة الديوان، وهي فعلا تحتاج للتعديل التنقيح.

وأضافت أنَّ القانون مرتبط بحاجات النَّاس، ولذلك فإنَّ الأولوية كانت منذ بداية العام للنصوص القانونية التي تساعد في مواجهة فيروس كورونا المستجد، وقد عمل الديوان على صياغة أوامر الدِّفاع وإصدار الآراء القانونية بخصوص تطبيق قانون الدفاع.

نقيب المحامين الأسبق والنائب السَّابق صالح العرموطي، أكد أنَّه من غير المعقول أو المقبول انَّ تقترب الدولة الأردنية من عامها المئة وما زالت هناك مواد قانونية تستخدم اسم “الإمارة” بدلًا من “المملكة”.

وأضاف أنَّ هناك ضرورة ملحة بتنظيف التَّشريعات الأردنية من المواد القانونية القديمة جدًا، والتي ما عادت تصلح للأردنيين في العام 2020، وعلى الحكومة تقديم مقترحًا بالتعديلات إلى مجلس الأمة والذي يملك الحق بتعديل القوانين.

ولفت إلى انَّ لا كلفة مالية على إجراء هذه التَّعديلات إطلاقًا، فخبراء القانون متوفرون ويقدِّمون كل مفيد للمعنيين في هذا المجال، وعليه فإنَّ الخطوة التَّالية هي من جانب الحكومة المعنية بتقديم المقترح في ذلك.

وضرب العرموطي مثالًا على تعديل قانون الملكية العقارية وكيف أسهم بدمج 13 قانونًا بقانون واحد، من بينها قانون منذ عام 1841.

وقال إنَّ قانون تسليم المجرمين في إمارة شرق الأردن صدر عام 1927 وما زال يستخدم مصطلحات قديمة حتى اليوم مثل أمير البلاد رغم ان الأردن مملكة منذ وقت طويل.

الخبير القانوني الدكتور سيف الجنيدي قال إنَّ المنظومة القانونيّة في الأردن تضم العديد من التّشريعات الضّاربة في القِدم، ومن أبرز الأمثلة عليها، قانون منع الجرائم رقم 7 لسنة 1954، وعلى الرّغم من مرور قُرابة خمسةٍ وستين عاماً على سريان أحكامه، وإشكالات تطبيقه اليوميّة في مختلف مناطق المملكة، لم يطرأ عليه أيّ تعديلٍ.

وأضاف أنَّ قانون تسليم المُجرمين الفارين لسنة 1927، والذي يمنح صلاحية تسليم المجرمين في منطقة شرقيّ الأردن إلى المندوب البريطانيّ بناءً على قرار الأمير، ما زال أيضًا مستخدمًا، أي أنّ هذا القانون يعود إلى ما قبل استقلال المملكة الأردنيّة الهاشميّة وما يزال ساري المفعول ويُطبّق من قبل المحاكم الأردنيّة، علماً أنّه قد تمّ تعديله عام 1972 بموجب القانون المُعدّل رقم 32 لسنة 1972، ولم تتم مواءمته مع واقع الحال في المملكة، وأبقى على هذه الصّلاحية بموجب أحكامه.

وبين أنَّ الامثلة كثيرة ومنها أيضًا، قانون الربا الفاحش رقم 20 لسنة 1934، والخدمة العسكرية في الجيش العربي رقم 48 لسنة 1940، وفحص موارد المياه رقم 2 لسنة 1938، وسرقة مواد السكة الحديدية لسنة 1930، والجنسية الأردنيّة وتعديلاته رقم 6 لسنة 1954، وغيرها العشرات.

ولفت إلى أنَّه وعلى صعيد تعامل الحكومة مع التّشريعات الوطنيّة القديمة، فقد لجأت إلى مُبادرةٍ تشريعيّةٍ بهدف التّخلص من بعض التّشريعات القديمة وتوحيد المرجع التشريعيّ للقواعد القانونيّة النّاظمة لتمّلك العقارات وتنظيمها.

وبين أنَّ الحكومة تقدّمت عام 2017 بمشروع قانون الملكيّة العقاريّة والذي تضمّن إلغاء 13 تشريعاً قديماً ومُتضارباً يتعلّق بهذا الشّأن، أبرزها: قانون الاستملاك رقم 12 لسنة 1987، وتسوية الأراضي والمياه رقم 40 لسنة 1952، ووضع الأموال غير المنقولة تأميناً للدين رقم 46 لسنة 1953، وملكية الشّقق والطوابق رقم 25 لسنة 1968، والاستملاك رقم 12 لسنة 1987، وتكلّلت هذه المُبادرة التشريعيّة بقبول المجلس التشريعيّ في مطلع آذار عام 2019، وصدرت الإرادة الملكيّة السامية بتصديق مشروع القانون هذا ونشر بالجريدة الرسميّة بالعدد 5573 تاريخ 16 أيار 2019.

وأكد أنَّ الأردن وفي سبيل التعامل مع مثل التشريعات القديمة يحتاج لإنشاء لجنة برلمانية للرّقابة على تطبيق القوانين والوقوف على مُعوّقات عدم التّطبيق.

وأقرَّ بأنَّ الأردن يواجه ثلاث إشكاليات أساسية في نطاق التشريع، منها إشكاليتان عالميتان لا تقتصران على دول بذاتها، والإشكالية الأخيرة- الثالثة- هي إشكالية عامّة في الدول العربية عموماً،وهي : تضخم الكتلة التشريعيّة في الدولة بسبب تراكم التشريعات القديمة وتكرار التعديلات التشريعية، ما يؤدي إلى إرباك التّطبيق، وعدم تطبيق التّشريعات البرلمانيّة، والذي في المحصّلة يعتبر اعتداءً على مفهوم سيادة القانون والحقّ.

وأضاف أنَّ ثاني هذه الإشكاليات الأساسية هو ما اعترى أسلوب الصّياغة التشريعيّة في الأردن من الإشكاليات التي أدّت إلى تُماثل التّشريع الأردنيّ مع واقع نوعية التّشريع العربيّ عموماً، ما يوجب إيلاء الصّياغة التشريعيّة أهميةً خاصّة باعتبارها مبدأ دستوريّاً لارتباطها بقاعدة العِلم المُفترض بالقانون ومبدأ المُساواة، وفق أبرز الاجتهادات الدستوريّة العالميّة.

وختم بثالث هذه الاشكاليات وهي تشريعيّة في الدول العربية خصوصاً، وتكمن في استعارة القوانين الأجنبيّة، حيث لا تكاد تخلو دولة في المنطقة العربيّة من استعارة القوانين الأجنبيّة لأسباب عديدة: الاستعمار، العولمة، ومُعالجة المواضيع الطارئة بأيسر الطُرق، علاوةً على السّعي نحو كسب الاستثمار خصوصاً في التّشريعات الاقتصاديّة.

وقال إنَّ العديد من الإشكاليات تتولد في الصّياغة التشريعيّة وأحياناً تناقضات نتيجة النّقل الحرفيّ للتّشريعات، وعدم قابليتها للتّطبيق في البيئة النّاقلة، وعلى سبيل المثال قول مندوب الحكومة المصريّة محمد الوكيل، أثناء مراجعة القانون المدنيّ المصريّ أمام مجلس الشّيوخ: “إنّ كلّ نصٍ تشريعيّ ينبغي أن يعيش في البيئة التي يُطبّق فيها ويحيا حياةً قويّةً تُوثّق صلته بما يُحيط به من ملابسات، وما يخضع له من مقتضيات فينفصل انفصالاً تامّاً عن المصدر التاريخيّ الذي أُخذ منه أيّاً كان هذا المصدر”.

وبينت النائب السَّابق وفاء بني مصطفى أنَّه وبمرور الزَّمن واختلاف الأوضاع ما زال لدى الأردن قوانين تتحدث عن عهد الإمارة، وهذا يدخل في إطار تجديد التَّشريعات ويجب أن يكون هناك قوانين مواكبة للعصر، ويتم الغاء واستحداث وتعديل ما يستحق التعديل.

ولفتت إلى أنَّ كل ذلك مرتبط بصورة كبيرة بما تلا التعديلات الدستورية عام 2011، والاولوية في التَّشريعات هي للمؤقتة منها، رغم أنَّ الحاجة ماسة للتشريعات السارية.

وأكدت أنَّه وفي كثير من الأحيان لا يتم فتح النص للتعديل ولكن يكفي إحضار نص جديد ليحل ويخلف كل النصوص السابقة.

وبينت أنَّ هناك كثيرا من القواعد القانونية يستحيل تطبيقها على أرض الواقع، لذلك فإنّه يتم اللجوء إلى ما يسمى بالنَّص المتروك أو المهمل، منوهة إلى أنَّ تنظيف التَّشريعات من المواد القديمة بدأ بالفعل من مجلس النواب عبر خطة تشريعية استباقية تشترك بها جهات عدَّة من بينها الحكومة ولجان مشتركة من الأطراف المعنية كافة.

وأضافت أن كثيرًا من الدول تقوم قبل ارسال اي مقترح قانون لمجلس النواب بمخاطبة وزارة المالية لديها لبيان رأيها بالكلف المالية المترتبة على أي تعديل أو تشريع سيتم العمل على انجازه، وهو ما لم يكن موجودًا حتى الأن في الأردن.

المحامي الدكتور خالد داوود قال ل”بترا” إنَّ هناك قوانين قديمة جدًا وآن الأوان لتعديلها وتنظيفها، وأنَّ من الواجب القيام بغربلة القوانين الأردنية جميعها، وأصبحت الأمور اليوم سهلة جدًا خاصة مع التطور التكنولوجي والالكتروني الكبير، ووجود المحكمة الدستورية التي تبسط الرِّقابة القضائية على القوانين.

وأكد أنَّ من الضروري أن تنسجم القوانين مع بعضها ومع حاجات المجتمع، مثل قانون الجرائم الالكترونية والتعاملات الالكترونية الذي جاء منسجمًا مع الحالة الأردنية بشكل كامل.

ولفت المحامي تامر قينوقة إلى أنَّ من الضروري اتساع نطاق التعديلات ومراجعة القوانين ليشمل التشريعات الأردنية القديمة كافة، والتي أصبح من المتعذر تطبيقها ونحن على اعتاب المئوية الثَّانية من الدَّولة الأردنية.

وأضاف أنَّ القوانين في الأردن نوعان: قانون عام يندرج تحته قانون العقوبات والقانون الإداري، وقانون خاص يندرج تحته القانون التجاري والعقاري، مشيرا الى ان القانون العام هو الذي تتدخل به الدَّولة عبر النَّائب العام، ولذلك فإنَّ التعديلات يجب أن تتم وفق حاجات النَّاس.

ولفت مؤسس مبادرة سفراء القانون المحامي أحمد قطيشات إلى أنَّ الخبرات الأردنية والأدوات التكنولوجية كلها متوفرة؛ لإحداث التغييرات الشَّاملة على النصوص القانونية القديمة وحتى التي لا تنسجم مع الحالة الأردنية في الوقت الرَّاهن.

وأضاف أنَّ هناك قوانين موجودة وليست عاملة، ومواد تُعارض بعضها البعض، مثل ما حدث في قانون الملكية العقارية، وهذا ما يحتاج الى تطبيقه في بقية القوانين والتشريعات الأردنية.

وأكد أنَّ عددًا من مواد قانون العقوبات تحتاج الى مراجعة وتعديل، لأنَّه من أكثر القوانين تماسًا مع حياة النَّاس، والقانون المدني الذي لم يطرأ عليه أيُّ تعديل منذ أن صدر لتعارضه مع بعض القوانين.

وترصد القاعدة المعرفية القانونية الشاملة ” قسطاس” بدقة التَّشريعات الاردنية وحالتها من حيث السريان والالغاء منذ تأسيس الامارة وحتى اليوم، ورصدت 183 تشريعًا عثمانيا، منها ما هو مُلغى، ومنها ما هو مؤثر وفاعل بالقوانين والأنظمة.

نقيب المحامين الأسبق والنائب السَّابق صالح العرموطي، أكد أنَّه من غير المعقول أو المقبول انَّ تقترب الدولة الأردنية من عامها المئة وما زالت هناك مواد قانونية تستخدم اسم “الإمارة” بدلًا من “المملكة”.
وأضاف أنَّ هناك ضرورة ملحة بتنظيف التَّشريعات الأردنية من المواد القانونية القديمة جدًا، والتي ما عادت تصلح للأردنيين في العام 2020، وعلى الحكومة تقديم مقترحًا بالتعديلات إلى مجلس الأمة والذي يملك الحق بتعديل القوانين.
ولفت إلى انَّ لا كلفة مالية على إجراء هذه التَّعديلات إطلاقًا، فخبراء القانون متوفرون ويقدِّمون كل مفيد للمعنيين في هذا المجال، وعليه فإنَّ الخطوة التَّالية هي من جانب الحكومة المعنية بتقديم المقترح في ذلك.
وضرب العرموطي مثالًا على تعديل قانون الملكية العقارية وكيف أسهم بدمج 13 قانونًا بقانون واحد، من بينها قانون منذ عام 1841.
وقال إنَّ قانون تسليم المجرمين في إمارة شرق الأردن صدر عام 1927 وما زال يستخدم مصطلحات قديمة حتى اليوم مثل أمير البلاد رغم ان الأردن مملكة منذ وقت طويل.
الخبير القانوني الدكتور سيف الجنيدي قال إنَّ المنظومة القانونيّة في الأردن تضم العديد من التّشريعات الضّاربة في القِدم، ومن أبرز الأمثلة عليها، قانون منع الجرائم رقم 7 لسنة 1954، وعلى الرّغم من مرور قُرابة خمسةٍ وستين عاماً على سريان أحكامه، وإشكالات تطبيقه اليوميّة في مختلف مناطق المملكة، لم يطرأ عليه أيّ تعديلٍ.
وأضاف أنَّ قانون تسليم المُجرمين الفارين لسنة 1927، والذي يمنح صلاحية تسليم المجرمين في منطقة شرقيّ الأردن إلى المندوب البريطانيّ بناءً على قرار الأمير، ما زال أيضًا مستخدمًا، أي أنّ هذا القانون يعود إلى ما قبل استقلال المملكة الأردنيّة الهاشميّة وما يزال ساري المفعول ويُطبّق من قبل المحاكم الأردنيّة، علماً أنّه قد تمّ تعديله عام 1972 بموجب القانون المُعدّل رقم 32 لسنة 1972، ولم تتم مواءمته مع واقع الحال في المملكة، وأبقى على هذه الصّلاحية بموجب أحكامه.
وبين أنَّ الامثلة كثيرة ومنها أيضًا، قانون الربا الفاحش رقم 20 لسنة 1934، والخدمة العسكرية في الجيش العربي رقم 48 لسنة 1940، وفحص موارد المياه رقم 2 لسنة 1938، وسرقة مواد السكة الحديدية لسنة 1930، والجنسية الأردنيّة وتعديلاته رقم 6 لسنة 1954، وغيرها العشرات.
ولفت إلى أنَّه وعلى صعيد تعامل الحكومة مع التّشريعات الوطنيّة القديمة، فقد لجأت إلى مُبادرةٍ تشريعيّةٍ بهدف التّخلص من بعض التّشريعات القديمة وتوحيد المرجع التشريعيّ للقواعد القانونيّة النّاظمة لتمّلك العقارات وتنظيمها.
وبين أنَّ الحكومة تقدّمت عام 2017 بمشروع قانون الملكيّة العقاريّة والذي تضمّن إلغاء 13 تشريعاً قديماً ومُتضارباً يتعلّق بهذا الشّأن، أبرزها: قانون الاستملاك رقم 12 لسنة 1987، وتسوية الأراضي والمياه رقم 40 لسنة 1952، ووضع الأموال غير المنقولة تأميناً للدين رقم 46 لسنة 1953، وملكية الشّقق والطوابق رقم 25 لسنة 1968، والاستملاك رقم 12 لسنة 1987، وتكلّلت هذه المُبادرة التشريعيّة بقبول المجلس التشريعيّ في مطلع آذار عام 2019، وصدرت الإرادة الملكيّة السامية بتصديق مشروع القانون هذا ونشر بالجريدة الرسميّة بالعدد 5573 تاريخ 16 أيار 2019.
وأكد أنَّ الأردن وفي سبيل التعامل مع مثل التشريعات القديمة يحتاج لإنشاء لجنة برلمانية للرّقابة على تطبيق القوانين والوقوف على مُعوّقات عدم التّطبيق.
وأقرَّ بأنَّ الأردن يواجه ثلاث إشكاليات أساسية في نطاق التشريع، منها إشكاليتان عالميتان لا تقتصران على دول بذاتها، والإشكالية الأخيرة- الثالثة- هي إشكالية عامّة في الدول العربية عموماً،وهي : تضخم الكتلة التشريعيّة في الدولة بسبب تراكم التشريعات القديمة وتكرار التعديلات التشريعية، ما يؤدي إلى إرباك التّطبيق، وعدم تطبيق التّشريعات البرلمانيّة، والذي في المحصّلة يعتبر اعتداءً على مفهوم سيادة القانون والحقّ.
وأضاف أنَّ ثاني هذه الإشكاليات الأساسية هو ما اعترى أسلوب الصّياغة التشريعيّة في الأردن من الإشكاليات التي أدّت إلى تُماثل التّشريع الأردنيّ مع واقع نوعية التّشريع العربيّ عموماً، ما يوجب إيلاء الصّياغة التشريعيّة أهميةً خاصّة باعتبارها مبدأ دستوريّاً لارتباطها بقاعدة العِلم المُفترض بالقانون ومبدأ المُساواة، وفق أبرز الاجتهادات الدستوريّة العالميّة.
وختم بثالث هذه الاشكاليات وهي تشريعيّة في الدول العربية خصوصاً، وتكمن في استعارة القوانين الأجنبيّة، حيث لا تكاد تخلو دولة في المنطقة العربيّة من استعارة القوانين الأجنبيّة لأسباب عديدة: الاستعمار، العولمة، ومُعالجة المواضيع الطارئة بأيسر الطُرق، علاوةً على السّعي نحو كسب الاستثمار خصوصاً في التّشريعات الاقتصاديّة.
وقال إنَّ العديد من الإشكاليات تتولد في الصّياغة التشريعيّة وأحياناً تناقضات نتيجة النّقل الحرفيّ للتّشريعات، وعدم قابليتها للتّطبيق في البيئة النّاقلة، وعلى سبيل المثال قول مندوب الحكومة المصريّة محمد الوكيل، أثناء مراجعة القانون المدنيّ المصريّ أمام مجلس الشّيوخ: “إنّ كلّ نصٍ تشريعيّ ينبغي أن يعيش في البيئة التي يُطبّق فيها ويحيا حياةً قويّةً تُوثّق صلته بما يُحيط به من ملابسات، وما يخضع له من مقتضيات فينفصل انفصالاً تامّاً عن المصدر التاريخيّ الذي أُخذ منه أيّاً كان هذا المصدر”

وبينت النائب السَّابق وفاء بني مصطفى أنَّه وبمرور الزَّمن واختلاف الأوضاع ما زال لدى الأردن قوانين تتحدث عن عهد الإمارة، وهذا يدخل في إطار تجديد التَّشريعات ويجب أن يكون هناك قوانين مواكبة للعصر، ويتم الغاء واستحداث وتعديل ما يستحق التعديل.
ولفتت إلى أنَّ كل ذلك مرتبط بصورة كبيرة بما تلا التعديلات الدستورية عام 2011، والاولوية في التَّشريعات هي للمؤقتة منها، رغم أنَّ الحاجة ماسة للتشريعات السارية.
وأكدت أنَّه وفي كثير من الأحيان لا يتم فتح النص للتعديل ولكن يكفي إحضار نص جديد ليحل ويخلف كل النصوص السابقة.
وبينت أنَّ هناك كثيرا من القواعد القانونية يستحيل تطبيقها على أرض الواقع، لذلك فإنّه يتم اللجوء إلى ما يسمى بالنَّص المتروك أو المهمل، منوهة إلى أنَّ تنظيف التَّشريعات من المواد القديمة بدأ بالفعل من مجلس النواب عبر خطة تشريعية استباقية تشترك بها جهات عدَّة من بينها الحكومة ولجان مشتركة من الأطراف المعنية كافة.   
وأضافت أن كثيرًا من الدول تقوم قبل ارسال اي مقترح قانون لمجلس النواب بمخاطبة وزارة المالية لديها لبيان رأيها بالكلف المالية المترتبة على أي تعديل أو تشريع سيتم العمل على انجازه، وهو ما لم يكن موجودًا حتى الأن في الأردن.
المحامي الدكتور خالد داوود قال ل”بترا” إنَّ هناك قوانين قديمة جدًا وآن الأوان لتعديلها وتنظيفها، وأنَّ من الواجب القيام بغربلة القوانين الأردنية جميعها، وأصبحت الأمور اليوم سهلة جدًا خاصة مع التطور التكنولوجي والالكتروني الكبير، ووجود المحكمة الدستورية التي تبسط الرِّقابة القضائية على القوانين.   
وأكد أنَّ من الضروري أن تنسجم القوانين مع بعضها ومع حاجات المجتمع، مثل قانون الجرائم الالكترونية والتعاملات الالكترونية الذي جاء منسجمًا مع الحالة الأردنية بشكل كامل.
ولفت المحامي تامر قينوقة إلى أنَّ من الضروري اتساع نطاق التعديلات ومراجعة القوانين ليشمل التشريعات الأردنية القديمة كافة، والتي أصبح من المتعذر تطبيقها ونحن على اعتاب المئوية الثَّانية من الدَّولة الأردنية.
وأضاف أنَّ القوانين في الأردن نوعان: قانون عام يندرج تحته قانون العقوبات والقانون الإداري، وقانون خاص يندرج تحته القانون التجاري والعقاري، مشيرا الى ان القانون العام هو الذي تتدخل به الدَّولة عبر النَّائب العام، ولذلك فإنَّ التعديلات يجب أن تتم وفق حاجات النَّاس.
ولفت مؤسس مبادرة سفراء القانون المحامي أحمد قطيشات إلى أنَّ الخبرات الأردنية والأدوات التكنولوجية كلها متوفرة؛ لإحداث التغييرات الشَّاملة على النصوص القانونية القديمة وحتى التي لا تنسجم مع الحالة الأردنية في الوقت الرَّاهن.
وأضاف أنَّ هناك قوانين موجودة وليست عاملة، ومواد تُعارض بعضها البعض، مثل ما حدث في قانون الملكية العقارية، وهذا ما يحتاج الى تطبيقه في بقية القوانين والتشريعات الأردنية.     
وأكد أنَّ عددًا من مواد قانون العقوبات تحتاج الى مراجعة وتعديل، لأنَّه من أكثر القوانين تماسًا مع حياة النَّاس، والقانون المدني الذي لم يطرأ عليه أيُّ تعديل منذ أن صدر لتعارضه مع بعض القوانين.  
وترصد القاعدة المعرفية القانونية الشاملة ” قسطاس” بدقة التَّشريعات الاردنية وحالتها من حيث السريان والالغاء منذ تأسيس الامارة وحتى اليوم، ورصدت 183 تشريعًا عثمانيا، منها ما هو مُلغى، ومنها ما هو مؤثر وفاعل بالقوانين والأنظمة.

بترا