د. يوسف العجلوني يكتب..هل الحياة الزوجية السعيدة حقيقة أم خيال؟!

د. يوسف العجلوني يكتب..هل الحياة الزوجية السعيدة حقيقة أم خيال؟!

الزواج وعد بالبقاء معاً في السراء والضراء، وإلى الأبد بالنية والإشهار، ويجب على الزوجين وخاصة الرجال أن يتعلموا التضحية والتخلي عن أنانيتهم، وعلى الزوجات التقليل من النكد والمناكفات قدر المستطاع، للمحافظة على هذا الرباط المقدس.

حالات الطلاق في العالم في تزايد، وفي الدول العربية أصبحت بأعداد كبيرة، ويجتاح جميع فئات المجتمع والأعمار، بغض النظر عن قوميتهم أو خلفياتهم العلمية والثقافية، هذا بالنسبة للطلاق الرسمي، والمتوقع أن نسبة الإنفصال السريري تفوق نسبة الطلاق الرسمي بكثير.

في عدد من التقارير الإخبارية من داخل الأردن، ورد أنّ الأردن هو الأعلى في نسب الطلاق في العالم العربي بالمقارنة مع عدد السكان. وفي تقرير آخر ورد أن الأردن يحتل الترتيب الثاني من بين الدول العربية في حالات الطلاق بمتوسط يقترب من 40 ألف حالة طلاق سنوياً.
وصرّح تقرير صادر عن مركز معلومات مجلس الوزراء الكويتي في آب 2021، أن الكويت هي الأولى على رأس قائمة الدول العربية في ارتفاع نسبة الطلاق، إذ ارتفعت نسبة الطلاق بها إلى 48% من إجمالي عدد الزيجات. واحتلت المركز الثاني مصر، والأردن الآن في المركز الثالث بنسبة ٣٧.٢%، وقطر في المركز الرابع بنسبة 37%، ولبنان والإمارات قد تساوتا في نسب الطلاق، بنسبة 34% لكل منهما، وتلتهما كل من من السودان بنسبة 30 %، والعراق بنسبة 22.7%، ثم السعودية بنسبة 21.5%، وهذا التقرير لم يحدد نسبة الزواج من إمرأة ثانية، حيث أن ذلك يقلل من نسبة الطلاق، لأن الزوج في حال قبول الزوجة الأولى بالبقاء، قد يتزوج الرجل بالثانية ولا يضطر لطلاق الأولى، وهنا تقل نسبة الطلاق في الدول التي تشيع فيها ثقافة الزواج الثاني.

تُعزى أسباب الطلاق لعدة عوامل: ممكن بسبب عمل المرأة واستقلاليتها المادية وازدياد وعيها وحدتها، حيث أصبحت تعتمد على نفسها ولا يشغلها الإهتمام بزوجها ورضاه، ممكن بسبب الفقر وتضاؤل مصادر الرزق، ممكن لأن النظرة السلبية للسيدة المطلقة أصبحت أخف حدة وسوء مما كانت عليه سابقاً، ممكن بسبب وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، ممكن بسبب عدم التكافؤ الفكري والاجتماعي، ممكن بسبب العنف الأسري، ممكن بسبب عدم معرفة المقبلين على الزواج بفلسفة الزواج وتكوين أسرة، ممكن بسبب تراجع القيم وضعف الارتباط والاحترام بين العائلات. ممكن بسبب عدم قدرة الزوج على تحمل المسؤولية، ممكن بسبب الزواج الثاني والذي في معظم الأحوال يكون بسبب إهمال الجانب العاطفي والجنسي من الزوجة الأولى وعدم رضى الزوج بذلك.

جميع الرجال يحلموا أن يكون لهم زوجة كاملة الأوصاف، ليعيشوا حياة سعيدة، غير أنه في الواقع سوف يتفاجأ بزوجة ليست كما كان الحلم، ولها طريقة مختلفة في العيش، وممكن أن تسبب له ازعاج بسبب أو بدون سبب، وتستنزف كل ما يملك من صبر ومال وقدرات، ولن يستطع أن يقنعها بغير ذلك، والأفضل له أن يعلن استسلامه حتى لا يكون قصة للناس، ولكن سوف يعاني في أمور عدة، وإذا لم تقتنع المرأة بأن تغير نفسها، سوف يدخل الرجل في حالة من الكآبة، وتضيع مشاعر الحب والرومانسية والقرب والود، وتتكون بيئة من النفور، وممكن من الكراهية، ويبدأ العيش بجحيم، وهنا تكون الحياة مع هذه الزوجة شبه مستحيلة، وإذا لم يتم التغاضي، والتغابي وقبول الواقع، الذي يعاني منه الكثير، سوف ينتهي الأمر بهذا الرجل المسكين إلى الوفاة قهراً أو الطلاق.

الزوجات أيضاً يرسمن لوحة لفارس الأحلام، وما أن يأتي، حتى تبدأ المفاجأة، ويواجهن الكثير من التحديات والصعوبات والمشاكل من بداية الحياة الزوجية، بيئة جديدة من الإزعاج، وعدم الانضباط، ولا يوجد ترتيب لأي شي بسبب وجود شخص غريب الأطباع والتصرفات والرغبات، غير مرتب ومزعج، يحتل كل شي، ويقتحم الخصوصيات، لا يسمع الكلام ولا يلبي الطلبات، ومن الصعب إصلاحه، فيتغير شعور الزوجة ونظرتها لما كانت تحلم به، وتحاول التعايش مع الوضع الجديد، فإن استطاعت استمرت الحياة حسب درجة قدرتها على التحمل، وإن لم تستطع التحمل طويلاً، سوف تنتهي الأمور إلى حدوث الخلافات بدرجات مختلفة والتي ممكن أن تؤدي إلى الطلاق السريري أو الرسمي.

هنالك الكثير من الأزواج لا يشعرون إن كانوا متزوجين أو مطلقين، لأن الحياة الزوجية تفتقر إلى الحب والقرب والحنان، وتفتقر أيضاً إلى الإنجذاب والشغف العاطفي والجنسي، ويبدأون برحلة الأرق والنوم المتقطع والتوتر المستمر في المنزل والعمل، والشعور بعدم الراحة، لا يوجد ما يخفف عنهم، لم يعد لديهم متعة في أي شيء، هؤلاء الأزواج مستقبلهم معروف بالأمراض النفسية، والجلطات الدماغية والقلبية، وحوادث السيارات.

الزوجة دائماً سوف تبقى تعتقد ومقتنعه تماماً أنها زوجة مثالية ونادرة، ولا ينقصها شي، وعقلها راجح، وتهتم بالأولاد والمنزل وبالواجبات الاجتماعية، وذلك صحيح فقط كأمٍ وربة منزل، ولكن ليس كزوجة، حيث تهمل الكثير مما يهم الزوج، وهنا قد تسيل المياه من تحتها وهي مطمئنة ولا تدري، حيث أن الرجال لا يستطيعون التحمل طويلا”.

الرجل يُصاب بحالة من الملل والكآبة بسبب عدم التقارب مع الزوجه، وإهمالها لمشاعره ورغباته، ومع مرور الوقت يضعف شعوره نحوها، وتقل أهميتها عنده، ويبدأ بالبحث تعويضاً لهذا النقص الذي يعاني منه، يبحث عن أصدقاء وجلسات، ونشاطات ترفيهية واجتماعية، ويصبح لا يحب الرجوع إلى المنزل، ويشعر بالفراغ النفسي والعاطفي والجنسي، وفي حال وجود أي سيدة أخرى تعطيه أي اهتمام، سوف يشعر بالثقة، ويتقرب منها، ويبدأ المراهقة والتشبب، وهنا يبدأ الرجل يعيش حياتين: واحدة ظاهرية لإرضاء المجتمع والأسرة وتمثيل دور الأب والزوج المثالي، وحياة ثانية خاصة يقضيها مع حبيبته سراً، ويعبر فيها عن كل ما ينقصه.

إن مسؤولية المبادرة والإهتمام بالطرف الآخر والمحافظة على الزواح والأولاد تقع على عاتق الزوجين، وكذلك الفشل؛ لذلك يفضل أن يتم مناقشة التفاصيل الدقيقة للحياة الزوجية، والمصارحه بما يجول في الخاطر، والتنبه إلى ما قد ينتج في المستقبل فيما لو استمر التعامل بالطريقة الغير مرضية للطرفين، ويجب الوصول إلى حلول ترضي الطرفين، حتى لا يصلا إلى حالة من العزلة والبعد، حالة لا يمكن الرجوع بعدها، ومن ثم الطلاق المقنع أو الرسمي.

الزوجة مخطئة لإهمالها الجانب العاطفي والجنسي في العلاقة الزوجية، لأنها بذلك تطلب كبت حاجة إنسانية طبيعية خارجة عن القدرات، وهي مهمة وضرورية عند الرجل لاستمرار الحب والقرب، لأن الرضى العاطفي والجنسي عند الرجل يجعله يتقبل من زوجته الكثير من التصرفات والأمور، ويسامحها على الكثير مما هو يعتبره أخطاء، ولا يرى منها أياً من العيوب، ولا يسمع ضدها شيء، ويؤدي الولاء والطاعة لها، ويلتزم بالبيت وما يهمها.

رئيسي