الاردن احوج ما يكون الى ثورة إصلاح يقودها جلالة الملك … ليعاد تشكيل الاردن الجديد ويكون مختلفا عن الاردن الذي عرفناه سابقاً… والتنمية بحاجة إلى تعبئة عامة من الجميع شأنها شأن الحرب!

الأردن اليوم – أحمد عبد الباسط الرجوب

تطاير الشظايا وصلت الى بلادنا من حرب الطائرات في الفضاء السوري الجريح … ، في الواقع ، هناك أسئلة كثيرة لا أجوبة عنهـــا بعــد… وكلمة السرّ هي الصراع على النفوذ والنفط والغاز في المتوسط .. لكــنّ الثابت أنّ اللعبة تغيّرت على ازدحام وقع وتطورات الاحداث على الحلبة السورية المفتوحة منذ سبع سنوات على كافة أشكال الصراع الدولية والإقليمية بالمفاجآت كما أن التفاهمات التي كان معمولا بها في الماضي لم تعد موجودة … الامر الذي بات فيه الوضع على حدودنا يأخذ منعطفا جديدا…

لما قدمت وفي ظل هذا المشهد المعقد والمتشابك على أطراف حدودنا الشمالية في سوريا الجريحة والغربية فلسطين المحتلة والمتمثل بعدو لا يعرف الالتزام بالمواثيق والعهود ويحترف لغة الخداع والمراوغة وابتلاع الارض وتحديدا العربية ، وما هو ماثل للعيان ولا يحتاج الى مواربة الوضع الاقتصادي الداخلي الصعب الذي اكتوت منه الاسر الأردنية وكان مشهد انطلاقة الحراكات الشعبية مؤخرا في مدن عدة تطالب الحكومة بإعادة النظر في الارتفاع الجنوني لأسعار السلعات الاستهلاكية نتيجة لفرض المزيد من الضرائب وعلى هدي استشارات ووصفات بنك النكد الدولي ، وهو ما أصاب رغيف الخبز الذي تعتاش عليه معظم الاسر الأردنية ذات الدخل المحدود والذي لا يتجاوز دخلها الشهري 400 دينار اردني (560 دولار امريكي) في احسن حالاته وكما قلت ذات يوم في مقال نشر عبر هذا الموقع الزاهر موجه  الى رئيس حكومتنا العتيد ” الوضع جلل وهناك خلل ” الامر الذي يوجب فرض عين للتدخل للتصحيح وان كان الكي هو آخر الحلول المتاحة…

 جلالة الملك لم يتوانى دوما على تصحيح مسارات الحكومات المتعاقبة، والجميع على علم ودراية بالأوراق النقاشية الستة التي لم تقرأها جيدا حكوماتنا ووضعتها حبيسة الادراج … لكني على يقين ومن تسارع الاحداث من حولنا ووضعنا الاقتصادي الصعب والتحالفات التي تعمل ضد المصلحة الأردنية … وفي هذا السياق نحن الان احوج ما نكون هذه الايام الى  ثورة اصلاح شاملة يقودها جلالة الملك ليعاد تشكيل الاردن الجديد ويكون مختلفا عن الاردن التى عرفناه سابقاً، وتنمية شاملة تتناول كل مناحي الحياة والتهيئة لها بتعبئة عامة من الجميع شأنها شأن الحرب لوضع حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية وفقا لما تقتضية مصلحة الاردن الجديد وتحويله إلى مثال يحتذى إقليمياً ، ولتكن مبادرة جريئة تعكس نوايا مصممة على أن تكون مثالاً يحتذى على صعيد المنطقة من خلال تنفيذ حزمة اصلاحات يقوم على تنفيذها المهتمين مع شخصيات بارزة من القطاع الحكومي والامني والقطاع المالي المحلي والعربي والدولي وتنفيذ هذه الخطة بنجاح وتأثيرها المحتمل على الاردن ومستقبلة لرفاه المواطنين وللاجيال القادمة…

الجميع يعرف ولا يحتاج الى اشارة بأن الاقتصاد الاردني  يعاني بشكل واضح وجلي من تداعيات الأزمات التي تحدث دوليًّا وإقليميًّا ومحليًّا؛ وبالتالي فهو محاط بالعديد من التداعيات والأزمات التي تؤثِّر فيه بشكل كبير من حيث انه اقتصاد غير مُنْتِج وارتفاع عجز الموازنة العامة (المتكرر سنويا منذ عشرة سنوات ويزيد) وارتفاع الدين العام الداخلي والخارجي وارتفاع معدلات البطالة وارتفاع معدلات الضرائب … كل هذه عوامل ارهاصات اخذت منحى سلبي في التأثير على حياة الناس في بلادنا ، وهنا وامام هذا المشهد يلزم تورة اصلاح شاملة على كافة مرافق الادارة والمال في الدولة …  اضع بعضا من الحلول العاجلة التي يمكن من خلالها تلبية مطالب المواطنين وتهدئة الوضع من خلال ما يلي:

1.   حل مجلس النواب كحالة طارئة (لمدة سنتين)  تستلزم التحضير لانتخابات قادمة بعد ان يتم تحسين الاطر الناظمة لتشجيع الاحزاب للمشاركة في الانتخابات وفقا لبرامج سياسية خدمية على ضوئها ممكن تتهيأ الظروف للخروج بفرز نواب على اسس حزبية يمكن عندها الحزب ذو الاغلبية ان يكلف بتشكيل الحكومة وتكون المشاركة الشعبية شاملة كافة الاطياف السياسية (التنمية بحاجة إلى تعبئة عامة من الجميع شأنها شأن الحرب)…

2.   تشكيل حكومة وطنية فنية (رشيقة في الحركة والنفقات) من خلال تقليصها الى (12) وزارة ” اما بالالغاء او الدمج المتشابه بالاختصاص فيما بينها ” ( لدينا دراسة بالتفصيل في هذا المنظور جاهزه عند الطلب ) …

– هذه الحكومة تكون متخصصة في ادارة الازمات لكي تقوم بسرعة إجراء إصلاحات هيكلية ومراجعة الخطط الحكومية الموضوعة على ضوء قانون الموازنة الذي تم اقرارة مؤخرا لتحسين بيئة الأعمال في البلاد وتسهيل الإجراءات اللازمة  لإقامة المشاريع الجديدة التي توفر فرص عمل للشباب وتساهم في زيادة الإنتاج وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي …

 – العمل على إصلاح مؤسسات الدولة والقضاء علي الفساد فيها وتيسير إجراءات الحصول علي التراخيص والتمويل اللازم لإقامة المشاريع الاستثمارية هو السبيل لحل مشكلة البطالة وتحقيق التنمية…

 – استحداث وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى (في الحكومة الجديدة) ودور هذه الوزارة من الانتقال من مرحلة التخطيط إلى مرحلة الخطط التنفيذية ، وان تكون هذه الوزارة بمثابة الإطار والمرجعية الحاكمة لأداء الوزراء والمحافظين، وحتى أصغر موظف فى الجهاز الإدارى بالدولة، حيث أن التقارير الدورية التى سيتولى إعدادها مجموعات عمل الوزارات لمتابعة تنفيذ كل جهة سترصد بدقة أوجه الإنجاز أو التقصير فى أداء المسئولين الحكوميين، واستبعاد العناصر المُقصّرة فوراً ويندرج تحت نظام عمل متابعة تنفيذ الموازنة مجموعات عمل تتولى رصد وتقييم أداء تنفيذ كل جهة حكومية، بمثابة «ثورة إصلاحية» لأوضاع الجهاز الإدارى للدولة.

 – تقوم هذه الحكومة على وضع مؤشرات قياس لأداء تنفيذها (تتابعة وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى التي اشرنا اليها) ، لتقييم عمل الجهات المنفذة، من خلال اعتماد نماذج إلكترونية موحدة وتوزيعها على مجموعات العمل المختصة بمراقبة ومتابعة أداء التنفيذ لتقييم هذا الأداء بشكل دورى وغير بعيد عن ذلك مؤشر اداء مجالس المحافظات (اللامركزية)، ورفع هذه التقارير لمجلس الوزراء والديوان الملكي…(كنت قد تناولت موضوع مؤشرات الموازنة العامة للدولة للعام 2018 في مقال سابق نشر عبر هذا الموقع الزاهر)…

ملاحظة هامة جدا :

يتم الطلب من الذين يتم اختيارهم (المترشحين والذين لم يسبق ان تولوا هذا المنصب سابقا) لرئاسة هذه الحكومة إلي ضرورة تقديم خطة عمل لإصلاح الجهاز الحكومي وما يتصل الى إصلاح بيئة الاستثمار … وان يبادر الرئيس الجديد الذي وقع عليه الاختيار باتخاذ إجراءات عاجلة بتنفيذ خطته وبخاصة تحسين مناخ الاستثمار لجذب رؤوس اموال الاردنيين والعرب والاجانب المترقبة لعودة حالة الاستقرار إلي البلاد).

3.   حل مجلس الاعيان واستبدالة بدماء جديدة (الا من كان لدية مبادرة ذاتية على العطاء) لانهم جميعا اخذوا فرصتهم بالعمل العام وفي رأس مناصب الدولة وجزاهم الله عنا كل خير ، ونريد اعيان فاعلين واكبوا التطور العلمي والفني والتكنولوجي لكثير من القضايا ، وممكن الاستفادة منهم بتشكيل بيوت الاستشارة للدولة يمكن الرجوع اليهم او تكليفهم باية اعمال تحتاج الى الرأي والمشورة.وفي هذا السياق تعتبر المؤسسات والشركات العملاقة على المستوى العالمي بان مثل هؤلاء الذوات هم بمثابة مراكز التفكير ( Think Tanks) أو صناديق الفكر (brain boxes) لإعطاء النصح ودورهم في التأثير على صنع السياسة لاية قضية او مشكلة تتعرض لها اي مؤسسة كانت…

وأخيرا وليس اخرا … نقول الى العقلاء في بلادنا لنقرأ سفر الغيب فيما تؤل اليه قادم الأيام …التعبير عن سوء القرارات الحكومية مشروع وتبني منظومة الإصلاح والتطوير، وتعزيز قيم النزاهة ومكافحة الفساد في الجهات والمؤسسات الحكومية لا اختلاف عليه … لكن مقدرات الوطن التي بنيت على مدار مائة عام والى اليوم هي ملك لنا وللأجيال القادمة …الأمن من أهم المكتسبات العظيمة التي من الله بها علينا، حيث يمثل الركيزة الأساسية في بناء المجتمعات وازدهارها وتنميتها، فبدون الأمن والأمان لن يتحقق للبشرية الخير والصلاح الذي تنشده وتتطلع إليه… نحن الان احوج ما نكون لرص الصفوف لنتجاوز هذه الغمامة باقتدار الصابرين…

عمليات الإصلاح والانفتاح والنجاح للدول تبدأ بالصدمات الإيجابية في مكافحة الفساد والافساد … عندما لم يعد تطبيق القانون حكرا على الفقير والصغير، بل تصل موس العدالة الى لحية صاحب النفوذ والغني والوزير … أي وطن رائع يمكن أن يكون هذا الوطن، لو صدق العزم وطابت النفوس وقل الكلام وزاد العمل…

خلاصة القول … الأردن القوي الأمين بشعبه وقيادته قبضة يد لا تنفك اصابعها ليوم الدين، وهذا كله مفهوم … فالإرهاب هو الخطر الأصغر، بينما الفساد الاداري والمالي هو الخطر الأعظم على الأردنيين شعبا ودولة … لقد جرى شن غارات متقطعة على الفساد، وبجهود هيئة النزاهة ومكافحة الفساد والأجهزة المساندة في الدولة، لكنها لا تؤدي الغرض المطلوب ، فقد تجرح الفساد لكنها لا تقتله، بل تجعله كالذئب الجريح اشد شراسة، وما دام الفساد لم يُكْنَسْ (ضم الياء وتسكين الكاف وفتح النون وتسكين السين)، فإن بعث الامل في نفوس الناس يصبح محالا أو افتعالا …

حمى الله بلادنا وادام الله عليها نعمة الامن والامان…

رئيسي