الذين استحوا !!

الأردن اليوم – خيري منصور

مراحل عديدة يقطعها الفرد كي يكتسب ثقة الآخرين ويجد السياق السياسي والقانوني والأخلاقي الذي يتيح له ان ينوب عنهم لبعض الوقت، والوصفة النموذجية لهذه المرحلة تبعا لأدبيات الديموقراطية وتقاليدها هي البرلمان، فإذا استطاع الفرد الحالم بالتغيير ان يظفر ببضعة أعوام يمثل خلالها ناخبيه الذين اقتنعوا وأطروحاته.

فان من حقه عندئذ ان يجهر بهذا الاستحقاق لكن بدائل هذه الصيغة القانونية والاخلاقية هي الثرثرة على الارصفة وفي المقاهي وادعاء حق تمثيل الاخرين باسلوب التنطع والاحتيال، ومن عينوا انفسهم الآن ناطقين رسميين باسم قضايا وهموم وطنية هم امتداد لظاهرة طويلة العمر وعميقة الجذور في تاريخنا العربي، الذي ما ان تحذف فيه الفواصل والحدود بين القوانين والنظم وبين الفوضى وتفاقم الاوهام حتى تسود العدمية الفكرية ويصبح من حق اي جاهل أن يدعي المعرفة والحقيقة انه يكسوها بطبقة من الغبار ويضيف اليها من الالتباسات ما يكفي لأن تكون امثولة في التناقض ، ولا ندري من اين يستمد هؤلاء الفضوليون الثقة بالنفس كي يفرضوا أنفسهم على غيرهم، ورغم ان بعض المواقف المدعية يعاقب عليها القانون الا ان التسامح الذي لا يأتي في مكانه يحول العلاقات الى شبكة من المقايضات تصح على محاصيل الزراعة والخطاب الاجتماعي المجامل اكثر من اي مجال آخر .

انها لمفارقة صادمة ان يسعى البعض الى تمثيل الآخرين رغما عنهم وهم لا يستطيعون صياغة جملة سياسية او ثقافية ، ولولا ما أصاب الثقافة من تراجع وانحسار وتهميش لما سمعنا حرفا مما نسمع، ولكان هناك شيء من الحياء لكن للأسف فإن الذين استحوا ماتوا !!