بعد اثنين وثلاثين عامًا حنظلة يحاور ناجي العلي

الأردن اليوم -هبه ابو طه

اسمي حنظلة… اسمُ أمّي نكبة… نمرة رجلي ما بعرفها لأني دايما حافي…جنسيتي…أنا مش فلسطيني…مش كويتي…مش لبناني….مش مصري….محسوبك إنسان عربي وبس.

هكذا عرَّف حنظلة عن نفسه حينما خُلق من رحم الهزيمة بريشة ناجي العلي، وبقي حنظلة معنا شاهداً على خنوعنا وخضوعنا وذلنا وتحكم الاستعمار بنا، وها هو حنظلة يصرخ اليوم أين ذهبت وتركتني يا ناجي قد رحمك الإله حينما أعادك له، لكنك تركتني هنا أتعذب في هذه الأرض أتألم حينما أرى من قتلوك كل يوم بأشكال متعددة و أسماء مختلفة، أتألم حينما أرى ريشتك وحيدة وأوراقك متفرقة هنا وهناك، أتألم حينما أرى وطننا العربي تتسع هزائمه وتكبر جروحه ويتفرق كل يوم وأنا من يوم ما صدحت برسمتك،  أنا عربي يا جحش ، أعود وأكررها، أنا عربي يا جحش ومن ثم أعود وأكررها، أنا عربي يا جحش لكنّ الجحش يقمع صوتي دوماً لأنني وحيد ليس لي أحد منذ أن تركتني.

أستيقظ كل يوم و أفتح الستارة وأصبح على معشوقتك فلسطين ومن ثم حب عمرك بيروت ومن ثم أمر بعمان والقاهرة و الكويت و أتجول في خيالي بكافة أرجاء هذا الوطن العربي الممتد وأقف قائلا صباح الخير يا وطني فيجيبني مبتسما لي سلّم على ناجي يا حنظلة لكن اليوم وطني لم يبتسم بل كان حزينا مسدلا الستائر السوداء منكسا للأعلام فاليوم ذكرى جرحنا العميق فمثل يومنا هذا قبل اثنين وثلاثين عاما أحيكت  المؤامرات والخطط أحكمت و توارت غدرا خلفة رصاصة سكنت بجسدك الطاهر يا ناجي ،مثل هذا اليوم تناثرت أوراقك على شكل دموع في أعيننا وحسرة على حالنا، مثل يومنا هذا انفردت ريشتك كالحزينة بوحدها أعلنت الحداد عليك وما زالت إلى يومنا هذا تصرخ ابتعدوا لا أحد يقترب منّي فأرضكم تعجز عن الإتيان بيد رجل كناجي لتُمسك بي وترسم، مثل يومنا هذا شهقت يا ناجي أنفاسي الأخيرة حاولوا أن يقتلوني كما قتلوك قائلين أمسكوا بحنظلة اقتلوه فهو الشاهد الوحيد بعد ناجي لكنهم لم يتمكنوا لأن من صيرني  هو ناجي العلي من علمني كيف أكون حرًّا قويًّا أعشق العروبة هو ناجي العلي فلن تتمكنوا مني.

أعلم أنك تصغي لي الآن لكنني لن أتمكن من الاعتراف لك بواقعنا المرير فأخشى أن تموت ألف مرة حينما تعرف ما الذي آل إليه حالنا أخشى أن أقول لك أن ما كنت تخشاه وقع أفظع منه حينما خطت يدك أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر فهي أصبحت فخرًا لعديمي الشرف، أصبح العدو يتربع بأراضينا و أعلامه ترفرف بسمائنا، زمانك تغير فالصهيوني يجلس في أراضينا ولا يطلق النار عليه، بل المقاومة ضده أصبحت ببعض بلداننا العربية تسمى جريمة إرهابية.

لا أريد أن أتحدث أكثر عن واقعنا أريد أن تتذكر الزمن الجميل زمن المقاومة وزمن القومية العربية و أريد أن أطمئنك أنا حنظلة القوي الصامد لم أرتش ولم أبع ولم أخُن فما زلت ماض على دربك وأريد أن أقول بعد غياهب تلك السنوات التي مرت عبثا لمن أخذ الظن منهم فكرا أن حكاية ناجي العلي وأن أي أمرٍ تعلق به قد اندثر أقول لكم ناجي العلي حي في كل شارع من كل وطن حي في كل جدران المنازل و الدفاتر و ما زلت أنا حنظلة الحافي أخط سطور دفتر كل عربي شريف.