فرصة ذهبية أمام “حكومة المهمات”

استبقت الحكومة أي مسميات قد يطلقها عليها الرأي العام ووصفت نفسها بـ”حكومة المهمات”. هذا جيد واستباق ذكي، يعطي انطباعا أوليا عما تفكر به الحكومة وكيف ترى نفسها. الحكومة وكأنها تقول إنها تريد أن تنجز المهمات وتبتعد عن التنظير، وإنها ترى أعمالا معينة تريد تحقيقها، وتسعى لأن يراها الرأي العام كحكومة إنجاز المهمات، والتطبيق العملي للقرارات، وأن تكون باكورة أعمالها معرفة بالأفعال لا الأقوال. هذا ما يريده الأردنيون؛ أعمالا ناجزة تطبيقية ميدانية تبتعد عن كلام الإنشاء والتنظير، تسعى لحلحلة المعضلات ومواجهة التحديات دون مواربة، وأن ترتبط القرارات بالنتائج، فمن غير ذلك ومهما كانت القرارات منطقية تبقى بلا معنى اذا لم تترافق مع نتائج فعلية ملموسة يشعر بها المواطن.
تحتاج الحكومة إلى الاستمرار بتكرار وتأكيد وصفها الذي أطلقته على ذاتها، وأن تشرح أكثر ماذا تقصد بحكومة المهمات، وكيف ترى نفسها تتصدى للعمل، وأي مهمات تريد تحقيقها ضمن أولوياتها المختلفة. لا يجب أن تستنزف الحكومة بأداء الأعمال اليومية الإدارية البيروقراطية سياسية كانت أم اقتصادية أم اجتماعية. يجب أن تجعل من أعمال إدارة الدولة اليومية جزءا من عملها، وتحدد إضافة لذلك أهدافا ومهمات معرفة بوضوح تسعى لتحقيقها، وأن لا تكبر حجرها وتتواضع في تحديد المهمات.

في معرض اضطلاع الحكومة بإنجاز المهام، تجدها في وضع مريح وللآن ذهبي إعلاميا وسياسيا. الإعلام للآن يتعاطى مع الحكومة بإيجابية الى حد مقبول، ويتصرف بمهنية بانتظار الأفعال والأعمال، وقد تسنى ذلك لأسباب عدة منها تراجع مؤسسات وشخوص الضخ السلبي والتسويد عن صدارة المشهد، وقد كان لتفاعل الدولة السياسي الحصيف مع قطاع الإعلام دور مفصلي في تحقيق ذلك.

أما سياسيا، فالبرلمان هو المؤسسة الأهم يمثل الشعب وتوجهاته، ويراقب الحكومة يضيق عليها أو يتفاعل معها ضمن إطار دوره السياسي. بحسب توجهاته الأولية كما رشحت، والرؤية المهمة التي طرحها رئيس مجلس النواب عبدالمنعم العودات في كلمة فوزه برئاسة المجلس، يبدو مجلس النواب مدركا تماما لضرورة التغيير،
وأهمية ومفصلية تحسين الانطباع عنه، وقيادة النواب تدرك أن قوة المجلس وتغيير النمطية السائدة عنه لا تأتي بمناكفة الحكومة والتضييق عليها، أو ببيع الشعبويات التي لا تعود إلا وبالا على المجلس، بل إن قوة المجلس وحضوره الوطني يتسنى من خلال القيام بالعمل النيابي التشريعي والرقابي الرصين والعميق،
ومن خلال أن يقود المجلس الرأي العام لا أن يكون منقادا له، وأن يشتبك السادة النواب مع قواعدهم شارحين ومبينين توجهات المجلس وأطر عمله الدستورية. قيادة النواب تبدو عاقلة وحكيمة في رؤيتها لدور المجلس، تعرف تحدياتها وتدرك ضرورة التغلب عليها، ضمن الأطر الدستورية والمساحة السياسية المهمة التي يحتلها مجلس ممثلي الشعب.

الحكومة في وضع مريح سياسيا وإعلاميا، وهذا يملي ضرورة الإسراع بإنجاز المهمات، والخوض فيها بعمق، وأهم ما يميزها في مسعاها لتحقيق ذلك أنها تملك نظرة جديدة حديثة على الملفات المستعصية، ما يمكنها الإتيان بحلول من خارج الصندوق.

(الغد)