مواطنون: الحكومة وضعت رقابنا تحت مقصلة المدارس الخاصة

85

“ضحكوا علينا عينك عينك”، “الحكومة رجعت المدارس مشان ترضي أصحاب المدارس الخاصة على حساب صحة أولادنا”، “يعني ما اكتشفوا الإصابات إلا لمه فتحت المدارس؟”، “مين بده يعوضنا عن الرسوم الي دفعناها؟”، هذه العبارات والأسئلة ليست سوى غيض من فيض التعليقات والمنشورات التي عجت بها مواقع التواصل الاجتماعي بعد القرار الحكومي بتعليق الدراسة لمدة 14 يوما.

فور إعلان وزير التربية عن إغلاق المدارس، وجه أهالي الطلبة، وخبراء التربية، وحتى خبراء الصحة، سهامهم نحو الحكومة، معتبرين أن قرار عودة المدارس جاء بتوقيت غير مناسب، خاصة مع التحذيرات العالمية من موجة كورونا ثانية أشد قوة من سابقتها، كما اتهم الأهالي الحكومة بالتلاعب بهم عبر تغليب مصلحة رأس المال، أي أصحاب المدارس الخاصة على مصالهم المالية، خاصة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية للبلاد بشكل عام، ومصلحة أبنائهم الصحية، الذين تحولوا إلى فئران تجارب لمراهقة وتخبط القرارات الحكومية حسب وصفهم.

أولياء الأمور: من المسؤول عن التلاعب بمستقبل أبنائنا؟
القرار غير المستغرب لا بل والمتوقع، كان صادما بالنسبة للأسر التي سمعت وصدقت تصريحات الحكومة بأن العام الدراسي سيكون بالكامل على الطريقة التقليدية، والتدريس بالكامل سيكون وجاهيا، وبناء عليه قامت تلك الأسر بدفع مصاريف الدراسة في المدارس الخاصة.
في المقابل اتبع عدد ليس بالقليل من أولياء الأمور الذين كانوا على يقين بقرار إغلاق المدارس، خطة تجنبهم دفع روسوم عالية من خلال تحويل أبنائهم إلى مدارس حكومية، لكن حتى هذه الخطة لم تنجح مع الجميع، فالعديد من المدارس الخاصة احتجزت ملفات طلبتها غير المسددين لرسوم العام المنصرم، ومنعتهم بالتالي من الانتقال لمدارس الحكومة.

الأهالي ورغم التحذيرات الصحية غامرت بإرسال أبنائهم إلى المدارس، لتجنب خسارة سنة دراسية أخرى في التعلم عن بعد، والذي أثبت خلال الأشهر الماضية عدم نجاعته، أو أن يكون بديلا جيدا للتعلم الوجاهي في الغرفة الصفية، معتبرين أن عودة التعليم عن بعد، سيعيد أبنائهم للمربع الأول، خاصة وأن غالبية الطلبة يتعاملون مع التعليم الإلكتروني من المنزل على أنه عطلة طويلة ليس إلا.

الحكومة تضع الأسر تحت رحمة المدارس الخاصة
مع بداية الجائحة التي أخذت معها نصف العام الدراسي الثاني، تعثرت المدارس الخاصة بشكل حقيقي، لكن هذا الأمر لم يدم طويلا فسرعان ما بدأت تلك المدارس بمطالبة الأهالي بدفع الرسوم كاملة، وأجور المواصلات لحافلات كانت متوقفة، بذريعة ان عليها نفقات رواتب وايجارات وعقود استئجار حافلات لبعضها، على الرغم من أن تلك المدارس فصلت العديد من العاملين فيها.
ومع بداية العام الدراسي الجديد الذي أكدت الحكومة بأنه سيكون وجاهيا، جاء دور المدارس الخاصة للانتقام من الطلبة وذويهم، بعد وضعت الحكومة رقاب الأهالي تحت سكين أصحاب المدارس، فكل أهالي الطلبة الذين راجعوا المدارس الخاصة لتسجيل أبنائهم واجهوا المشاكل التالية:
1. التوقيع على كمبيالات وشيكات بقيمة الرسوم.
2. منع نقل الملف الى مدرسة حكومية الا بسداد كافة الرسوم المتبقية من العام الماضي ومرة واحدة.
3. رفض التسجيل للعام الجديد الا بتصفية كل رسوم العام الماضي.
4. إجبار أولياء الأمور على دفع رسوم الفصل الأول أو السنة كاملة.
5. رفض تسليم الزي المدرسي والكتب وإخراج الطلبة من الغرف الصفية وطردهم في حال لم يدفع أولياء أمورهم كامل رسوم الفصل الأول.

خبراء صحة: قرار عودة المدرسة جريمة يجب أن تحاسب عليها الحكومة
كان من الطبيعي جدا عدم التفات الحكومة لكل الأصوات الخبيرة التي كانت تحذر من عودة التعليم الوجاهي وفتح المدارس بشكل كامل في المملكة، فهذا النهج تتبعه الحكومات في كل قراراتها، فتلك القرارات لا يتم اتخاذها وفق آليات وتصورات وخطط حقيقية، بل وفق مصالح حكومية ومصالح رأس المال حسب وصفهم.
التحذيرات لم تكن من خارج الحكومة فقط بل من داخلها أيضا، فلجنة الأوبئة، أكدت في أكثر من مناسبة أن عودة المدارس تحمل خطورة كبيرة في امكانية زيادة اصابات كورونا، خاصة وأن بروتوكول وزارة التربية الوقائي يعمل على تقليل عدد الاصابات بين الطلبة وليس عدم تسجيل إصابات، إضافة إلى أن اتساع رقعة الإصابات يؤكد بأن المدارس لن تكون بمنأى عن انتشار العدوى.

الحكومة: تحدثوا كما تريدون ونحن نفعل ما نريد
لا شك أن الديمقراطية المعتمدة لدى حكومة النهضة تقوم وفق مراقبين، على فكرة قل ما تشاء وأكتب ما تشاء واعترض كما تشاء، ونحن سنفعل ما نشاء، وسنواصل خطتنا كما نراه مناسبا، وبعد ذالك لن نستمع إلى نحيبك وبكائك، وهذا تحديدا ما حدث ويحدث في ملف المدارس الخاصة، فالمغامرة بأكثر من مليوني طالب وطالبة بإرسالهم إلى المدارس، لا يحمل سوى معنى واحد، وهو أن الحكومة تريد تنفيع المدارس الخاصة بأي شكل أو وسيلة.
لكن هذه نتيجة طبيعية، فعلى مدى عقود من الزمن أوصلت الحكومات المتعاقبة النظام التعليمي الحكومي إلى مستويات متدنية، وجعلت من المدارس الخاصة السبيل الوحيد للأسر التي تبحث عن نوعية معينة من التعليم لأبنائهم.
في السابق كان المواطن مدينا للبنوك، أو مؤسسات الإقراض الصغير، والتي خلفت آلاف بل مئات آلاف المتعثرين أو المطلوبين أو المسجونين، أما اليوم فيمكننا بحسب اقتصاديين إضافة جهة أخرى من شأنها زيادة أعداد المدينيين في المملكة، ألا وهي المدارس الخاصة، فغالبية المدارس اتبعت أسلوب كتابة الكمبيالات أو الشيكات على أولياء أمور الطلبة للسماح لهم بتسجيلهم، ولكن في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة ترتفع احتمالية تعثر أهالي الطلبة عن تسديد تلك الأوراق التي يمكن أن تذهب بهم إلى مرحلة التعثر أو السجن.

اليوم بات من الواضح والمؤكد بأن فيروس كورونا وجد طريقا له إلى كافة محافظات المملكة، ولم تعد في ظل الانفتاح الكامل أي منطقة أو مؤسسة أو مكان بعيدا عن ذلك الفيروس القاتل، ولعل المدارس وفق مراقبين هي أحد أخطر الأماكن التي من الممكن أن تكون سببا في تفشي الفيروس بشكل سريع وخطير، يصعب معه تقديم الرعاية الصحية في ظل نقص وعجز بالكوادر الطبية في غالبية مستشفيات المملكة.

اترك رد