دراسة جديدة: الجلد المُصنَّع من الفطر أفضل بيئيا وأكثر استدامة

90

توصل باحثون في دراسة علمية جديدة إلى أن الجلد الصناعي المنتج من مكونات الفطر قد يكون أفضل بديل في المستقبل للجلود الحيوانية، وأكثر استدامة وأقل كلفة من الجلود الاصطناعية المتوفرة حاليا في الأسواق.

الدراسة نشرت نتائجها في دورية “نيتشر ساستينابيليتي” (Nature Sustainability) يوم 7 سبتمبر/أيلول الجاري، ونشر البيان الصحفي الخاص بها على موقع “يوريك ألرت” (Eurek Alert).

وأثبتت النتائج أن إنتاج الجلود من الفطريات يستخدم مواد كيميائية أقل خطرا من الجلود الطبيعية والمصنعة، ويطلق كمية أقل من غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو، وأنه يشبه الجلد التقليدي من حيث المتانة والمرونة. إضافة إلى ذلك فهو قابل للتحلل بشكل كامل عندما لا يتم دمجه مع مادة أخرى، ويمكن التخلص منه بأمان دون ترك أي أثر مضر بالبيئة.

صناعة الجلود كارثة بيئية

يثير الجلد التقليدي، المصنوع من جلود البقر، جدلا بيئيا وأخلاقيا واسعا بسبب استخدام مواد كيميائية خطرة على البيئة في عملية معالجته المعروفة بالدباغة لتحويلها إلى منتج قابل للاستخدام التي تتميز باستهلاكها المفرط للطاقة وإفرازها كميات كبيرة من النفايات.

كما تحدث تربية الحيوانات ضررا فادحا بالغطاء النباتي وزيادة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. إذ يساهم هذا القطاع بحوالي 14% من الانبعاثات، حسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “فاو” (FAO).

ورغم أن البدائل الجلدية، مثل تلك المصنوعة من البلاستيك، تعتبر نباتية من حيث إنها لا تستخدم جلود الحيوانات، فإن عملية تصنيعها تتطلب استخدام مادة “بوليمرات البولي يوريثين” أو “البولي فينيل كلوريد” المستخرجتين -مثل معظم أنواع البلاستيك الأخرى- من الوقود الأحفوري وغير قابلة للتحلل.


بديل أقل خطرا

في الدراسة الجديدة، استعرض الفريق الدولي من جامعة فيينا (University of Vienna) في النمسا وإمبريال كولدج لندن (Imperial College London) ومعهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا (Royal Melbourne Institute of Technology)، تاريخ صناعة الجلد، وخصائص كل نوع منه من حيث الاستدامة والمحافظة على البيئة وقدرته على تعويض الجلد الطبيعي مع المحافظة على جودة مماثلة.

يقول البروفيسور ألكسندر بسمارك من جامعة فيينا وقسم الهندسة الكيميائية في إمبريال كوليدج، “نميل عادة إلى الاعتقاد بأن الجلد الصناعي أفضل للبيئة. ولئن كانت الجلود التقليدية موضع جدل أخلاقي، فإن هذه البدائل لها كذلك مشكلات تتعلق بالاستدامة البيئية”.

في المقابل، فإن “الجلد المشتق من الفطريات لا يجلب أيا من هذه المشكلات، وبالتالي لديه إمكانات كبيرة ليكون أحد أفضل بدائل الجلد من حيث الاستدامة والتكلفة”، كما يضيف المؤلف المشارك في الدراسة.

يقول المؤلفون إنه يمكن إنتاج بدائل الجلود من الفطريات عن طريق إعادة تدوير المنتجات الثانوية الزراعية والحرجية منخفضة التكلفة مثل نشارة الخشب. وتعتبر هذه المواد “مواد أولية” تنمو عليها الفطريات ككتلة متشابكة من الخيوط الفطرية الممدودة، والتي تنمو لتصبح صفيحة.

غزل الفطر

يعود تطوير تقنيات تصنيع الجلد من الفطريات إلى 5 سنوات عندما سجلت شركتان أميركيتان براءة اختراع في هذا المجال.

وتستفيد هذه التقنية من البنية الشبيهة بجذور الفطر أو غزل الفطر (Mycelium)، وهو الجزء النباتي الأخضر فيه، ويتكون من خيط فطري متفرع يحتوي على نفس البوليمر الموجود في أصداف السلطعون.

ويمكن حصاد الصفيحة الفطرية في غضون أسابيع قليلة، ومعالجتها فيزيائيا وكيميائيا عن طريق الضغط والربط المتشابك لإنتاج مادة ذات ملمس مماثل لجلد الحيوانات. وتتكون هذه المادة بشكل أساسي من مادة الكيتين (Chitin) القابلة للتحلل الحيوي، ومن بوليمرات الغلوكان (Glucan) الحيوية.

يقول الباحثون إن الجلد المشتق من الفطريات يمكن أن يكون ذا أهمية خاصة للمستهلكين والشركات المهتمة بالاستدامة في المستقبل، وأكدوا أن طلب المستهلك والتجار لبدائل الجلود المشتقة من الأحياء، مثل تلك الموجودة في الفطريات والسليلوز، آخذٌ في الازدياد.

“فالملابس المتجددة والمستمدة من المواد الحيوية هي سوق متنامية، وستكون الجلود الفطرية رائدة في مجال صناعة ملابس مستدامة وأخلاقية”، كما يقول الدكتور ميتشل جونز المؤلف المشارك من جامعة فيينا.

لكنّ مؤلفي الدراسة يشيرون إلى أن أحد أكبر التحديات في إنتاج الجلود المشتقة من الفطريات يتمثل في صنع صفائح فطرية عالية الجودة على نطاق واسع، يكون لها سمك ولون وخصائص ميكانيكية ثابتة.

اترك رد