عمال لا يجدون ما يسد رمق جوعهم بسبب الكورونا

130

الأردن اليوم – تالا الصابر – ” لم نجد كسرة خبز تسد رمق جوعنا” بهذه الكلمات وصف محمد حاله في ظل جائحة كورونا التي تعصف بالبلاد، أكمل ” بالرغم من وجودي في الأردن لأكثر من عشرة أعوام؛ إلا انني لم أرى قسوة أشد من هذه الفترة، حتى العمال الآخرين الذين يقطنون معي يعيشون ذات الظروف”.
محمد عامل مياومة يحمل الجنسية المصرية اضطر أن ينقطع عن عمله خلال فترة الحظر الشامل والتي استمرت لأشهر مما جعله يصفها بأقسى ايام حياته لعدم قدرته على تأمين أبسط متطلبات الحياة مثل الخبز.

علقت مديرة مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان ليندا كلش “بداية جائحة كورونا كان لها تأثير فوري على عمال المياومة تحديدا والعمال الذي كان رزقهم يومي لان فترة الحجر أثرت إذ لم يعملوا طوال فترة الثلاثة أشهر، كما هناك تأثير كامل على الإقتصاد الاردني وحركة السوق انعكس على عملهم وقلل من مكتسباتهم.

التردي الإقتصادي

لقد اجتاح فيروس كورونا الأردن كغيره من البلدان وتسلل المرض ليس إلى أجسادنا فحسب بل امتد لإقتصادنا وأعمالنا حيث تراجع الوضع الإقتصادي وازداد مستوى البطالة بشكل كبير، فبحسب الخبير الإقتصادي حسام عايش “الأردن كانت في مرحلة إصلاح إقتصادي قبل جائحة كورونا وكان لديها اتفاقيات منذ أعوام ماضية مع صندوق النقد الدولي من أجل المزيد من الإصلاح الإقتصادي، كنا بمرحلة نحاول فيها ان نحسن أوضاعنا الإقتصادية وبعدها جاءت كورونا أولا لتطيح بفكرة الإصلاح بالشكل الذي كان يتم العمل عليه وثانيا حملت الإقتصاد الأردني أعباء كبيرة على مستوى العجز في الموازنة التي يتوقع ان يزيد إلى أكثر من مليار– مليار ونصف عن توقعات الحكومة وفق موازنة عام 2020″.

وفيما يتعلق بالوضع الإقتصادي في ظل جائحة كورونا صرح عايش ” الانعكاس على الإقتصاد كان في مرحلة الإغلاق وما بعد الإغلاق حيث كان التأثير اكبر و الذي دفع الثمن في الحقيقة هم العمال ولذلك معدلات البطالة ارتفعت وازدادت إلى 23% ومن المتوقع أن تتجاوز ال 25% وتقترب من 30% ربما مع عودة الجائحة مرة أخرى بأشد وأقوى من المرحلة الأولى، هذا كله دفع ثمنه العمال بالذات اصحاب القوت اليومي ، والعاملين في الشركات الصغيرة والمتوسطة ذات النشاط البسيط والأولي ناهيك عن أنه الشركات والمؤسسات والمنشآت الكبيرة من اجل ان تستعيد توازنها فهي عمدت او تعمد او ستعمد تخفيض رواتب العاملين فيها أو تسريح عدد منهم أو توقيف بعض الأنشطة لديها وبالتالي التخلص من العمالة وأول من يدفع ثمن هذا التخلص هم كبار السن والنساء بالتالي فان هذا بأكمله سينعكس على الوضع الإقتصادي والإجتماعي للمواطن الاردني وأسرته ويخفض من قدرتها على الإنفاق الأمر الذي يعني مزيدا من التراجع في مستويات المعيشة”.

الكورونا تسببت في مفاقمة البطالة

قالت حلا-اسم مستعار- والتي خسرت عملها مؤخرا بسبب جائحة كورونا “كنت اعمل كمساعدة ادارية في مؤسسة وكان عقد عملي يجدد بشكل سنوي عملت لديهم ثلاثة أعوام ولم أكمل الرابعة لأن توقيع عقدي تزامن مع الجائحة”.

أكملت ” أنا من الأشخاص الذين تم خصم من رواتبهم بحدوود 50%، وهناك شهر من الأشهر عملا فيه بشكل كامل، بعد ان اخبروني انه سيتم إنهاء عقدي وخصم مني أيضا بنسبة 20% ولا أخفيكم أنا عرضت عليهم أن أعمل هذه الفترة مع خصم للراتب 50% او أقل لا يوجد لدي مشكلة لكن كان هناك رفض للموضوع”.

وقد أشارت كلش إلى ان أوامر الدفاع جميعها جاءت للتدخل في العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل و كان يجب على الدولة القيام بدورها بالحماية الإجتماعية وليس وضع العامل في مواجهة صاحب العمل أو صاحب العمل في مواجهة العامل ولكن الدولة تنصلت من واجباتها بوضع الطرفين مقابل بعضهم.

رنا-اسم مستعار- خسرت عملها كمستشارة تجميل في إحدى الصيدليات بسبب جائحة كورونا عندما تراجعت مبيعات مستحضرات التجميل في شهر آب. قالت رنا للأردن اليوم كورونا ظلمتني إذ ان صاحب العمل أنهى خدماتي.

الشكاوى في تزايد

وفق رصد وزارة العمل للشكاوى العمالية تبين انها ارتفعت، إذ انه منذ بداية الجائحة من شهر آذار إلى شهر أيلول استقبلت الوزارة 47323 شكوى عمالية تتعلق بالأجور وإنهاء الخدمات عبر منصة حماية الموجودة على موقع الوزارة الالكتروني والمخصصة للشكاوي العمالية وعبر ورقة المتابعة والسيطرة الموجودة في الوزارة. بحسب الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل محمد الزيود.

وفيما يتعلق بآلية تعامل وزارة العمل مع ملف العمال الذين خسروا وظائفهم في ظل الجائحة أوضح الزيود ” الوزارة تستقبل الشكاوى من العمال الذين تم انهاء خدماتهم في القطاع الخاص وتتم دراسة كل حالة من قبل فرق التفتيش ومن ينطبق على حالته امر الدفاع 6 والبلاغات الصادرة بموجبه رقم 7 و 8 و9 تم اعادته إلى عمله . ويبلغ عدد من تم إعادتهم 4141 عامل من أصل 6356″.

انتهاكات صارخة

الخبير في حقوق الإنسان كمال المشرقي أكد على وجود انتهاكات صارخة للحقوق العمالية سواء من قبل الحكومة أو من أصحاب العمل أنفسهم. وبين أن الحقوق الأساسية من مأكل ومشرب وضمان إجتماعي قد فقدها الكثير منهم في ظل الجائحة.

وأكمل ” على الحكومة وصاحب العمل أن يتحملوا أعباء تخفيف الأجر وليس العامل بأي حالة من الأحوال للحفاظ على كرامته الإنسانية وخلق توازن لأن العامل ليس بمفرده ولكنه يتحمل عبأ أسرة بكاملها فقدت حقوقها معه أيضا”.

كما أشار المشرقي إلى أن الأردن ملزمة بتوفير بيئة وظيفية آمنة لمواطنيها، استنادا لأحكام الدستور الأردني .
وما زال المراقبون يعربون عن قلقهم إزاء مصير العمال الأردنيين في ظل استمرار جائحة كورونا….

 

المصدر: الأردن اليوم

اترك رد