رجا طلب يكتب: ما بين صدام حسين وبوتين

22

كتب رجا طلب..

هل المقارنة بين شخصية صدام حسين الذي احتل الكويت عام 1990 واسماها المحافظة التاسعة عشرة مع شخصية فالديمير بوتين
الذي قرر شن الحرب على أوكرانيا بمبررات جيوسياسية وتاريخية هل تحمل مسوغات منطقية؟ أم أن الحالتين والشخصيتين
مختلفتان؟
في اعتقادي أن الظرف الجيوسياسي للحالتين والتكوين النفسي لهما متقارب الى حد كبير وهناك عدد من النقاط يمكن االشارة اليها للتدليل على
هذا التقارب، فلقد ُدرست شخصية صدام حسين على مدى سنوات من قبل الغرب وبخاصة الواليات المتحدة وبريطانيا وتحديدا بعد توقف الحرب
العراقية – الإيرانية في 8 /8 /1988 ،وازداد التركيز على شخصية صدام حسين بعد حادثة القبض على الصحفي البريطاني الإيراني الأصل فرذاد
بازوفت عام 1998 بتهمة التجسس لبريطانيا بسبب دخوله الى منطقة الاسكندرية في محافظة الحلة جنوبي بغداد لتغطية حادثة انفجار مصنع
للصواريخ متوسطة المدى ثم اعدم عام 1990 ،وانا شخصيًا كنت شاهدًا على هذه الحادثة لأن بازفت كان مدعوا مثلي ومثل الكثير من الصحفيين
من الكويت والدول العربية والأجنبية لتغطية انتخابات المجلس التشريعي لمنطقة الحكم الذاتي في كردستان، وكان أغلب المدعوين من هؤالء
الصحفيين يسكنون فندق المنصور ميليا ببغداد ومنهم بازفت الذي عرض على عدد من الصحفيين مرافقته لتغطية انفجار الاسكندرية
وكنت انا من جريدة الوطن والزميلة خولة نزال من جريدة القبس من ضمن الذين عرض علينا بازوفت مرافقته لكننا انتبهنا لخطورة المسألة
ورفضنا العرض لسببين الأول أن ذلك يتطلب موافقة رسمية من وزارة الإعلام العراقية، أما السبب الثاني فكان أن سبب إيفادنا من صحفنا هو
بهدف تغطية الإنتخابات وليس أي حدث آخر.

خلال الفترة من توقف الحرب الايرانية – العراقية إلى ما قبل الاحتلال العراقي للكويت استقبل صدام حسين عددا كبيرًا من الصحفيين والاعلاميين
والكتاب والمفكرين الذين وفروا الألجهزة الاستخبارية في أميركا وبريطانيا وفرنسا قراءة هادئة ومعمقة لشخصية صدام حسين من ناحية
حلمه قيادة الأمة العربية ولها ميل متطرف الاستخدام

السلوكية وطريقة التفكير وتوصلوا إلى أن شخصية صدام حسين نرجسية ومغرورة جدًا
القوة والعنف بسبب ظروف طفولته القاسية، ويغلب على قراراته ردود الفعل، ومن هنا تم استدراجه احتلال الكويت الذي كان »ام المأسي«
على العراق واألمة العربية.
أن شخصية بوتين ُدرست هي الأخرى من قبل أميركا والغرب، وبالتأكيد فقد توقف الدارسون لشخصيته عند خلفيته السياسية
أعتقد جازمًا

والأمنية والإيديولوجية فهو قادم من بيئة سوفياتية وبعقيدة امنية ضابط سابق في اليك جي بي ينظر للغرب نظرة ايديولوجية معادية، ويبدو أن
سقوط الاتحاد السوفياتي قد ترك آثارًا عميقة في نفسيته وعقليته وبات يفكر جديًا في إعادة أمجاد روسيا ليسكدولة عظمى فحسب بل كدولة
أعظم، وتعززت قناعته بإمكانية تحقيق هذا الهدف من خلال تبنيه لنظريات المفكر الروسي الكسندر دوغين المسمى، عقل بوتين وتحديدًا
، فهو الان صراع جيوسياسي،
ايديولوجيًا »القاعدة« التى يستند اليها دوغين والقائلة )إذا كان الصراع خلال الحرب الباردة، صراع مصالح وصراعًا
جيوبوليتييك وهو حتمي، ولن ينتهي إلا بتدمي رأحد الطرفين لآلخر.

فقد بات العالم يقف على حافة الهاوية أو على شفير حرب نووية مدمرة يحتاج نزع فتيلها إلى جهد سياسي اقرب
ضمن هذه القاعدة وإيمانًا

ما يكون للمعجزة منه إلى أي شيء آخر.

الكثير منا نحن العرب لا نتمنى تكرار تجربة صدام حسين مع بوتين، فمن ناحية مصلحية وإلى حد ما عقائدية فان بوتين بعدائه للغرب وطموحه
لتغيير »النظام العالمي أحادي القطبية« يخدمنا الإ أن غيابه وإضعاف روسيا لدرجة قريبة من حالة »عراق اليوم« هو كارثة حقيقية وبكل الأبعاد

اترك رد