الغزوي يكتب : رصاصة قاتلة وليست طائشة

38

كتب رمزي الغزوي

من قبلُ ومن بعد دعونا نسمي الأشياء بأسمائها. الرصاصة التي تُطلق في الأعراس والأفراح والمناسبات وتقتل طفلة ترضع في حضن أمها في باحة بيتهم، أو فتى عائدا من مدرسته، أو شابا متحمسا يهم بركب الباص باتجاه خطيبته. هذه رصاصات ليست طائشة أيها العالم. هي رصاصات قاتلة وقاتلة، ومطلقوها قاتلون عمدا.

أمس سرني أن فريق التحقيق الخاص في مديرية شرطة جرش المشكل لمتابعة التحقيقات في حادثة مقتل فتى بعمر 12 سنة برصاصة ما زالوا يقولون أنها «طائشة» قبل أيام تمكن بعد جهود كبيرة من تحديد هوية مطلق النار من إحدى الأعراس وإلقاء القبض عليه، وضبط السلاح المستخدم.

هذا الفتى ينضم إلى عشرات من الأبرياء الذين قتلناهم بعنجهيتنا. فقبل شهرين فقدنا شابا في منطقة أبو نصير لأنه صدف أن كان في موضع سقطت فيه رصاصة شخص أشهر مسدسه في الهواء وأطلق رصاصاته فرحاً، غير آبه أنه صنع ترحا ووجعا وحزنا في جبل قريب منه.

في هذه الحوادث الموجعة سنتذكر مآسي كبرى عشناها جراء هذا التخلف الذي ما زال مسيطرا على عقول بعضنا، دون أدنى اتعاظ أو مخافة قانون، أو رجاحة منطق. سنتذكر الطفلة جود مثلا التي اغتيلت قبل سنوات برصاصة قاتلة وهي تلعب في باحة منزلها، الطفلة سلمى ابنة السنتين حين دهمتها رصاصة قاتلة وهي في أكثر الأماكن أمانا: حضن أمها. وسنتذكر غيرهم وغيرهم ونترحم عليهم.

لو أن القانون لدينا طبّق بشكل حقيقي صارم على كل من يجرؤ على إطلاق النار في المناسبات لما ظل البعض منا يشهرون أسلحتهم، ويطلقون رصاصاً يسقط فوق الرؤوس موتاً متعمداً. لماذا لم تتوقف هذه العادة؟.

نحن للاسف لا نتضامن اجتماعيا وعاطفيا مع هؤلاء الضحايا. بل ننساهم بسرعة. فيوم مقتل الطفلة جود تمنيت لو أن نخرج بشموع نجوب ليل المدينة منددين بالمجرم الذي أطلق طرطرات فرحه لثقب رؤوسنا. ويومها قلنا إنه قاتل متعمد؛ نعم متعمد؛ لأنه يعرف أن رصاصته ستعود إلى الأرض بذات سرعتها، وحتما ستقتل من يكون في موضع سقودها.

نحن قتلنا العشرات ممن استقرت رصاصات الأفراح في رؤوسهم ونحورهم. لأننا لم نقضِ على هذه الظاهرة البغيضة من جذورها. تهاونا وتساهلنا مع من لا يستطيعون أن يقيموا أفراحهم ونجاحاتهم إلا بإطلاق الرصاص القاتل. حياة إنسان تعدل في ميزان الخالق حياة الناس جميعا. ولكنها في عرفنا لا تعدل إلا فنجان قهوة.

أطالب بعدم استخدام مصطلح (رصاصة طائشة) واستخدام مصطلح (رصاصة قاتلة) بدلا منه، فهي لم تخرج من سبطانة المسدس؛ إلا لتقتل وتصنع الترح.

اترك رد