ملكنا الذي عبر بنا أخطر التحديات

114

محمد داودية

عبر بنا الملك عبدالله، تسونامي الربيع العربي، الذي ضرب دولنا العربية بقسوة وعنف، بانفتاحه ورشده وبنيته الإصلاحية وتسامحه وتحمله الذي تمثل في الإعراض الكلي والترفع الملوكي عن السفاهات التي مست أحيانا مقامه الكريم السامي.

عبر بنا الملك عبدالله، بقدرة واسعة على المناورة والتقييم المحنك، ضغوطات واغراءات المشاركة والتورط في حروب الاقليم البرية، التي كانت تطلب زج جيشنا الاردني العربي في ساحات القتال في سوريا والعراق، التي كانت غابة كثيفة متشابكة مظلمة، غير مستقرة ولا معروفا فيها مَنْ مع مَنْ. و مَنْ ضد مَنْ. و مَنْ سينقلب على مَنْ. و مَنْ سينشق عن مَنْ. و مَنْ سيقبض مِنْ مَنْ. ومَنْ سيبيع مَنْ، بثلاثين من الفضة او بملايين الدولارات او الشيقلات !!

لقد تمكّن الملك عبدالله، بأقصى درجات الخيال الأمني والعسكري والسياسي، من «إدارة التحديات» الكارثية المرعبة، التي شكّلها الإرهاب المتوحش وعصفت بالمنطقة بلا هوادة، وتعربشت عليها كل الجيوش والاساطيل والطائرات والصواريخ وأجهزة الامن والاستخبارات والتجسس والمتطرفون المفصومون الدمويون من كل انحاء العالم، وشكل لها الإرهاب حصان طروادة قويا، نفذت منه وبه عميقا ومديدا، الى بُنانا السياسية والعسكرية والأمنية والثقافية والمذهبية والعرقية والطائفية.

تمكن الملك عبدالله من العبور بنا مئات حقول الألغام والبرازخ والمضائق والأنفاق، الى الوضع السياسي والأمني والعسكري الراهن، الذي يتميز بالمعافاة الأمنية والصحة والسيطرة التامة على امننا الغالي الذي ظل مصانا محميا بهمة نشامى أبو الحسين ورعايته ودعمه.

ولما داهمتنا قرارات الرئيس الأمريكي المتعلقة بانتهاك حقوق الشعب العربي الفلسطيني المشروعة والمساس بالمكانة الروحية والتاريخية للقدس، تصدى الملك بكل قوة ووضوح وعزم مدججا بالتفافنا حوله وبتاييد احرار الامة العربية والشعوب الإسلامية وشعوب العالم الحرة التي تقف الى جانب إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس التي هي بالنسبة لنا في الاردن مسألة أمن وطني لا تراخ فيها ولا غباش.

ويشكل التحدي الاقتصادي اليوم احد التحديات الكبرى التي تواجهنا في ظروف استثنائية لم تكن بهذه القسوة والعمق والشدة لولا تحدي اللجوء السوري الذي ناءت ميزانياتنا تحت اعبائه وتركنا العالم نتحمل كلفته الباهظة وحدنا الا من الفتات وأيضا تحدي مكافحة الإرهاب الذي ساهمنا فيه بقوة وبفاعلية وكان لمساهمتنا فيه استخباريا وعسكريا وامنيا، دور هائل ضخم، دفعنا كلفته الباهظة من خبز وزيت وتدفئة شعبنا، رغم ان حصاده وثماره وفوائده، طالت كل دول الجوار.

اننا نتطلع بثقة كبيرة الى الامام والى المستقبل، على الصعد الاقتصادية والأمنية والسياسية والاصلاحية الداخلية وازمات الإقليم المعقدة، بفضل القيادة الراشدة الحكيمة والحراك الملكي الوازن الواسع والمكانة العالية المرموقة والمصداقية المطلقة التي حققها الملك عبدالله لدى قادة العالم وشعوبه.

إن الاعباء جِسامٌ صِعاب، وما هو خلف الاسوار، والمخبوء المرسوم لهذا الإقليم، يحتاج التعامل معها وتفادي اخطارها والنجاح في تخطيها، الى عزائم القادة الافذاذ الكبار واستمرار ثقة الشعب بقيادته المجربة المحنكة.

نهنئ انفسنا اليوم بعيد ميلاد ملكنا وقائدنا وحبيبنا، ونسأل الله ان يمده بالمزيد من القوة والتوفيق.

اترك رد