هند الحنايفة تكتب: وعد بلفور .. ذكرى الذل تؤرقنا

112

الأردن اليوم – هند الحنايفة

بلفور يؤرقنا لنحلم، وعد بلفور جمرة قرن ونيف، هو طعنة عند الأمم الكبار لا تغتفر، حتى يردوها بثأر، وفي مقام القدس يطيب الثأر، قلت يؤرقنا فنمت وحلمت، بعد أن أنهيت مادة عن قباب المسجد الأقصى، عن مكان مقدس محرومين من دخوله أهلا مطمئنين! كيف لأمة أن تتعايش مع الأمر كل هذه السنين! على وقع السؤال حلمت حلمًا لا يشق تفسيره إلا على المرجفين، سيراه الهرمجدونيون نصف الأمل، ويوسمه المتخلفون بالهذر، حلمت بمملكة كبرى، أكبر من كل تصور للتحالفات العربية العقيمة عبر التاريخ، حدودها من معبر الكرامة الحدودي للمتوسط، رافقت من رافقت كنت فيهم، لم ألمح سوى ظلالهم، ولم أسمع سوى وقع خطاهم المهيبة، أول ما حملو، حملوا خيباتنا ورموها في النهر، فالرحلة ابتدأت، إجتزنا الشريعة، أنزلوا علم المحتل عن كل السواري بلمح البصر، عاونتهم الريح إذ سكنت، واصلوا المسير بنظرات واثقة كاسرة تدعك تقول يا جبروت الله، أطل من أطل من المستوطنات فابتلعتهم الأرض غيظًا، وآخرون دفعوا الجزية صاغرين، وما منع الباقين أن يهدموا بيوتهم بأيديهم إلا الرعب الذي شل ألسنتهم، تقرأ من عيونهم دعاء على بلفور في مرقده، هنا قال أمير طلائع الفاتيحن “هنيئًا لنا ، اليوم أتم الله لنا وعده، ومحونا بلفور أفنينا بقوة الله البلفوريين وحماتهم ومن يناهضهم وهو على غير قلبنا أو حلمنا.

أغمضوا أعينهم للحظات، وما فتحوها حتى تبدلت حال الأرض، لقد عادت كنعانية عربية، مدوا أيديهم في حلقة حول القدس، تصافحوا و زرعو 99 شجرة مباركة ، ثم صعدوا إلى السماء، هذا آخر عهدي بهم ، من هنا يممت شطر بلادي أردت أن آتيهم بالنبأ العظيم، وقبل أن تمس قدمي الأرض رأيتهم يدخلون أفواجًا مكبرين مهللين ، تمام كما الحجيج. يا لطف الله كم المشهد مهيب.

قد يكون ذلك حلم يقظة يراود شباب الأمة الحر، من أخجلهم هوانها، يأسرنا سؤال، لماذا حين نحلم حلم كبير لا نتوحد لنحققه، لماذا ندع السنين تجرعنا مرارة الذكرى وتظل نتباكى على صفحات مارك؟ لماذا لم يحترم مجلس الأمن الحق العربي في فلسطين من بعد حق تقرير المصير، لماذا لم يلغ وعد بلفور، فلم يبق لا انتداب ولا إستعمار- وإن كان الفساد ظهير لهما- تفاوضنا سنين، و أبرمنا معاهدات إلا أن المحتل لا دين له، الإضطهاد ورائحته تدنس الحجر والشجر، فلم يبق لمجلس الأمن علينا عتب، فلا عز وارتقى من نام عن حقه، الحق أن لا شيء يعيد الحق إلا العين الحمراء أو السيف، والحق هنا عربي لا فلسطيني فحسب. أظننا نستطيع وأكثر؛ إن رممنا شيء في داخلنا جميعنا،حينها نمضي كما مضى أمير الفاتحين في الحلم.

اترك رد