البطاينة: القطاع الزراعي ركيزة اساسية للامن الغذائي .. وانهياره سيتسبب بمخاطر غير محسوبة

70

كتب المهندس سليم البطاينة

مئة عام من عمر الدولة الاردنية وما زال نموذجها الاقتصادي كما هي نماذج متكررة لكل حكومة ….. فالقطاع الزراعي يتعرض لنكسة حقيقية ويمر بمرحلة حرجة للغاية وينذرُ بالأنهيار فمعظم خطط تنمية القطاع بائت بالفشل بسبب ما واجهته من جملة من التحديات الكبرى … الأمر الذي يُحتم علينا إعادة النظر في دور واهمية قطاع الزراعة من اجل بناء أقتصاد مستدام من شأنه ضمان الأمن الغذائي للمملكة …. فالقطاع الزراعي بات في حاجة ماسة إلى إصلاحات تشريعية ومؤسسية عميقة لتغير قواعد اللعبة بشكل جذري

فلطالما أثرت الديناميكيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في مسار النهوض بالقطاع الزراعي وتنميته … ففي فترة السبعينات من القرن الماضي عززت الطفرة النفطية فرص التبادل التجاري مع دول الخليج ولَم تسعَ الدولة الاردنية من الاستفادة من النمو الاقتصادي بوقتها من أجل تطوير القطاع الزراعي .. فقد كانت استجابة معظم الحكومات لأوضاع القطاع محدودة للغاية رغم مساهمة القطاع الزراعي بما نسبته ٣٪؜ من قيمة الناتج المحلي الاجمالي عدا عن المساهمات والانشطة الاخرى والتي لها علاقة مباشرة بالقطاع الزراعي

فما نشهده حالياً من تراجعاً حاداً لقطاع الزراعة سيفاقم من مشكلتي الفقر والبطالة بشكل مُرعب وسيهدد الامن الغذائي للمملكة ……. فما تحدث به الوزير النشط والمحبوب محمد دواودية كان غيضاً من فيض في صراحته وشفافيته

فهناك تراجعاً للجدوى الاقتصادية للزراعة وتربية المواشي والابقار والدواجن وتردياً في أوضاع المزارعين وتكبدهم خسائر يومية فادحة سيدفع الى هجران المزارعين ومربي الماشية والدواجن والابقار للمهنة التي تعتبر من الاهم في جميع دول العالم

فالرسوم والضرائب وتكلفة تصاريح العمالة تحتاج الى مراجعة .. وإصلاح قوانين حيازة الاراضي والميراث تحتاج ايضاً الى مراجعة فذلك سيحدث تحولاً اضافياً في القطاع الزراعي

فالمياه واسعار الكهرباء والتصدير وعملية تسويق المنتجات الزراعية وإنخفاض اسعار المنتجات وارتفاع كلف الانتاج وعدم توفر اسواق خارجية لتصدير فائض الانتاج بات من أهم المشاكل الرئيسية التي تواجه القطاع …….. فعلى سبيل المثال فأن تكلفة الشحن سواء كان براً أو جواً يكلف المزارع حوالي دينارين للكيلو غرام من الخضروات والفواكه

وعلى الجانب الاخر هناك مخاطر جمة تواجه ايضاً مربي المواشي والابقار والدواجن من حيث ارتفاع كلف مدخلات الانتاج إلى أكثر من ٤٠٪؜ … فمادة الصويا ارتفعت بنسبة ٤٥٪؜ والذرة ارتفع سعرها بطريقة جنونية غير مسبوقة … وارتفاع اسعار مادة النخالة والشعير ومستلزمات الانتاج والعلاجات البيطرية في الاسواق المحلية … والخوف بات من احداث فجوة كبيرة في الامن الغذائي المحلي

فالقطاع الزراعي في الاردن يُعد هوية وكياناً يتهدده الانهيار والضياع رغم دوره الاقتصادي التنموي … فالاحصائيات تُشير إلى ان نحو ١٨٦٠٠ مزارع باتوا مطلوبين للتنفيذ القضائي بعدما عجزوا عن السداد للجهات الدائنة .. وان هناك ايضاً أكثر من ٤٠٪؜ من المزارعين سيخرجون من القطاع قريباً ……. فالوضع بحاجة إلى وقفة جادة للحفاظ على هذا القطاع الحيوي الهام والذي هو الركيزة الاساسية للامن الغذائي للاردنيين ….. فأعطاء ومنح المزارعين الحقيقين قروضاً دون فوائد وتسهيل عملية التصدير دون رسوم أو ضرائب ودراسة إعادة بعضاً من المرافق الزراعية التي اغلقت مثل مصانع رب البندورة وغيرها ……. والبحث عّن مصادر مياه ري جديدة وتأهيل المشاريع المائية الحالية سيساعد في وقف الانهيار المتسارع نحو الهاوية للقطاع الزراعي

فالمزارع ليس مسؤلاً عن فتح الحدود وتأمين الشاحنات والبحث عن أسواق خارجية لمنتجاته بل هي مهمة الحكومة بكل أجهزتها ومؤسساتها … فالقطاع عرضة للانهيار في حال استمرار السياسات القديمة

فالمستقبل مجهول على ما يبدو في قادم الايام فقد نخسر الكثير من اسواقنا التصديرية وموقعنا كمورد رءيسي للمنتوجات الزراعية في ظل الانفتاح العربي والخليجي على اسرائيل

اترك رد