فيلم الملكة كليوباترا،تزييفًا للتاريخ المصري

22

قال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، د. مصطفى وزيري، إن ظهور البطلة في فيلم الملكة كليوباترا، الذي سيُعرض على منصة نتفليكس، بهذه الهيئة يعد تزييفًا للتاريخ المصري، ومغالطة تاريخية صارخة، لاسيما أن الفيلم مصنف كفيلم وثائقي وليس كعمل درامي.

ودعا “وزيري” في بيان نشرته الصفحة الرسمية لوزارة السياحة والآثار المصرية عبر “فيسبوك”، اليوم الخميس، القائمين على صناعة الفيلم إلى ضرورة تحري الدقة، والاستناد إلى الحقائق التاريخية والعلمية، بما يضمن عدم تزييف تاريخ وحضارات الشعوب.

كان يجب الرجوع إلى متخصصي علم الآثار والأنثروبولوجيا عند صناعة مثل هذه النوعية من الأفلام الوثائقية والتاريخية، والتي ستظل شاهدة على حضارات وتاريخ الأمم
مصطفى وزيري
وكانت منصة “نتفليكس” قد أعلنت عن إطلاق سلسلة من الأفلام الوثائقية خلال الفترة المقبلة، وفي مقدمتها عرض لفيلم “الملكة كليوباترا”، يوم 10 مايو المقبل، حيث تظهر فيه بطلته التي تقوم بدور الملكة “كليوباترا السابعة” بملامح أفريقية وبشرة سمراء اللون.

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أن الملكة كليوباترا كانت ذات بشرة فاتحة اللون، وملامح هيلنستية (يونانية)، لافتًا إلى أن آثار الملكة كليوباترا وتماثيلها خير دليل على ملامحها الحقيقية وأصولها المقدونية.

وأضاف أنه كان يجب الرجوع إلى متخصصي علم الآثار والأنثروبولوجيا عند صناعة مثل هذه النوعية من الأفلام الوثائقية والتاريخية، والتي ستظل شاهدة على حضارات وتاريخ الأمم.

لافتًا إلى أن هناك العديد من الآثار الخاصة بالملكة كليوباترا من تماثيل وتصوير على العملات المعدنية التي تؤكد الشكل والملامح الحقيقية لها، والتي تظهر جميعها الملامح الهيلنستية ( اليونانية) للملكة كليوباترا من حيث البشرة فاتحة اللون، والأنف المسحوب، والشفاه الرقيقة.

وأكد “وزيري” أن حالة الرفض التى شهدها الفيلم قبل عرضه تأتي من منطلق الدفاع عن تاريخ الملكة “كليوباترا السابعة” والذي هو جزء مهم وأصيل من تاريخ مصر القديم، ويُعد بعيدًا عن أي عنصرية عرقية، مؤكدًا على “الاحترام الكامل للحضارات الأفريقية ولأشقائنا في القارة الأفريقية التي تجمعنا جميعًا”.

وفي ذات البيان، قال رئيس قسم الآثار المصرية بكلية الآثار في جامعة القاهرة، د. ناصر مكاوي، إن ظهور الملكة كليوباترا في هذا الفيلم بهذه الهيئة يتنافي مع أبسط الحقائق التاريخية، وكتابات المؤرخين أمثال بلوتارخوس وديوكاسيوس، الذين سجلوا أحداث التاريخ الروماني في مصر بعهد الملكة كليوباترا، والذين أكدوا أنها كانت ذات بشرة فاتحة اللون، وأنها ذات أصول مقدونية خالصة.

وأشار إلى أن الملكة “كليوباترا السابعة” تنحدر من أسرة مقدونية عريقة حكمت مصر ما يقارب من 300 عام، أسسها الملك “بطليموس الأول”، وهو أحد القادة المقدونيين في جيش “الإسكندر الأكبر”، الذي آلت إليه ولاية مصر بعد وفاة “الإسكندر”وأسس الأسرة البطلمية.

وأضاف: “تزوج بطليموس الأول من الملكة “برنيكي الأولى” ذات الأصول المقدونية أيضًا، وأنجبا الملك “بطليموس الثاني” حيث استمر من بعده أبناؤه وأحفاده الملوك في التزاوج من أخواتهم الإناث طبقًا لعادات ذلك العصر، وصولًا إلى الملكة “كليوباترا السابعة” وأخيها “بطليموس 14″ محافظين على نقاء عرقهم المقدوني خلال كل تلك الفترة الزمنية”.

من جانبها، قالت مدير عام مركز البحوث وصيانة الآثار في المجلس الأعلى للآثار سابقًا، د. سامية الميرغني، إن دراسات الأنثروبولوجيا البيولوجية، ودراسات الحامض النووي التي أُجريت على المومياوات والعظام البشرية المصرية القديمة، أكدت أن المصريين لا يحملون ملامح أفارقة جنوب الصحراء، سواء في شكل الجمجمة، وعرض الوجنات والأنف واتساعة، وتقدم الفك العلوي، ولا في الشكل الظاهري للشعر، ونسب أعضاء الجسد، وطول القامة، وتوزيع وكثافة شعر الجسد.

وأوضحت أن ما نراه من تنوع كبير بين ملامح المصريين يرجع لقدم إعمار هذه الأرض واستقرار سكانها وإذابتهم لكل غريب داخل بوتقتهم.

وأضافت أن جميع النقوش والتماثيل التى خلّفها لنا قدماء المصريين على المعابد والمقابر صوَّرت المصريين بملامح أقرب ما تكون للمصريين المعاصرين من حيث لون العين والشعر والبشرة، ودرجة نعومة وكثافة الشعر لدى الرجال والنساء، وحتى لون الجلد، ووجود نسبة من العيون الملونة، وهي مصورة في بعض تماثيل الدولة القديمة.

وتابعت: حتى حين تغيرت بعض تقنيات التحنيط في أفراد الأسرة 21، وبدأوا في طلاء جلد المومياء ليبدو كما في حياتها الأولى، قاموا بطلاء جلد الرجل باللون الطوبي، وطلاء جلد المرأة باللون الأصفر الفاتح، الأمر الذي يؤكد أن ما تم رسمه وتأكيده على الجدران هو حقيقة سجلها المصري القديم عن نفسه.

فيما قالت د. كاثرينا مارتينيز، رئيسة بعثة الدومينيكان والعاملة بمعبد تابوزيريس ماجنا غرب، مدينة الإسكندرية، إنه على الرغم من وجود آراء متضاربة حول عرق “كليوباترا السابعة”، إلا أنه من المؤكد أنها وُلدت في مصر في العام (69 ق.م) من أصل مقدوني.

لافتة إلى أنه بالرجوع إلى التماثيل والعملات التي خلّفتها لنا الملكة تؤكد – بما لا يدع مجالًا للشك – على ملامحها الهيلنستية، وهو ما يظهر جليًا في التمثال النصفي المصنوع من الرخام والمحفوظ في متحف برلين من القرن الأول قبل الميلاد، وتظهر فيه وهي ترتدي إكليلًا ملكيًا، مع عينين لوزيتين، والأنف مسحوبًا والشفاه رقيقة.

بالإضافة إلى تمثال نصفي آخر محفوظ في الفاتيكان يُظهرها بملامح ناعمة، ورأس من الرخام تظهر فيها وهي ترتدي غطاء الرأس، فضلًا عن عدد من العملات التي تُظهرها بنفس الهيئة الهيلنستية.

اترك رد