القدس في عين الحدث … أحمد عبد الباسط الرجوب

120

القدس في عين الحدث …

اعلان ترامب تاجر العقارات والصفقات …

قرارات القمة الإسلامية وبيان وزراء الخارجية العربية…

كتب: أحمد عبد الباسط الرجوب

لقد انتابتني الصدمة وردة فعل غير عادية ومثلي في هذا الشأن الملايين من العرب والمسلمين والمسيحيين واحرار العالم نتيجة للقرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي ترامب بنقل السفارة الامريكية من” تل أبيب” إلى القدس المحتلة، وللتذكير بأن مجلس الشيوخ الأميركي كان قد أصدر قانوناً حدّد بموجبه تاريخاً لنقل السفارة إلى القدس في موعد أقصاه مايو / أيار من العام 1999، هذا القانون الذي وافق عليه آنذاك مجلس الشيوخ بأغلبية ساحقة (93) مقابل (5) أصوات ضده، …

وعلى هامش هذا القرار ” اللئيم ” تصور سيد البيت الأبيض تاجر العقارات بأن صفقته هذه والتي املاها عليه وكيلة في صفقات العقارات صهره ” جاريد كوشنر “يمكن أن تأخذ ايام او اسابيع من مظاهر الشجب والاستنكار والمظاهرات وخاصة في الشارعين العربي والإسلامي أي ” احتجاجات زوبعة في فنجان “، لأنه ضامن لحكام هذه الدول وانهم لا يقدرون على نبس بنت شفاه امام هذا الارعن المتجبر، ولكنه يبدو لي بأنه قد تفاجأ بهذا الحراك الجماهيري العربي والإسلامي لا بل وردة الفعل على المستوى الدولي وخاصة رؤساء الدول الأوروبية والدول العظمي من عدم الاعتراف بهذا القرار من جانب الدولة الراعية للحريات في العالم وأيضا من تدعى نفسها وسيط عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين …

وفي اتون هذا الحدث التاريخي المشؤوم هو الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب وبعدة القمة الطارئة لمنظمة التعاون الإسلامي وما خرج عن هذين الاجتماعين من قرارات لم تكن في حسبان الرئيس الأمريكي ولا حتى دولة الكيان الصهيوني والتي في مجملها تناغمت مع نبض الشارعين العربي والإسلامي من جهة الرفض الجماهيري ومن جهة أخرى مخالفة هذا الوعد الترامبي للقوانين الدولية بما يخص القضية الفلسطينية من القرارات الأممية ارقام ”  194 و 242 ” والتي أتت كلها على اعتراف المجتمع الدولي في الحقوق العربية الفلسطينية بالقدس الشريف…

بيان وزراء الخارجية العرب

لقد تابعنا قرارات الاجتماع الوزاري لوزراء الخارجية العرب الطارئ والذي التئم بالقاهرة في العاشر من هذا الشهر، حيث أدان البيان الختامي للاجتماع قرار رئيس الولايات المتحدة بنقل السفارة الامريكية في تل أبيب إلى القدس، وقد اعتبر البيان أن القرار يقوض جهود تحقيق السلام ويعمق التوتر ويفجر الغضب ويهدد بدفع المنطقة إلى هاوية المزيد من العنف والفوضى كما طالب الولايات المتحدة بإلغاء قرارها حول القدس والعمل مع المجتمع الدولي على إلزام إسرائيل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وإنهاء احتلالها اللاشرعي والغير قانوني لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ الرابع من يونيو/حزيران من العام 1967…

هناك من يذهب إلى اعتبار تلك القرارات والمواقف العربية غير ذات قيمة، لأنها لم تكن في المستوى المطلوب، وقد يذهب البعض إلى اتهامها بالتواطؤ مع قرار ترامب انطلاقاً من اتهام عدد من الدول العربية بأنها متواطئة مع القرار، وشجّعته حين أبلغها ترامب بأنه ينوي إعلانه…

من يقرأ بيان وزراء خارجية الحكومات العربية المذكور، فسيجدهم قد أعلنوا رفضهم قرار الرئيس دونالد ترامب اعتبار القدس عاصمة «إسرائيل». واتفقوا على البحث عن «آلية عمل» وزارية لدفع الإدارة الأميركية للتراجع عن قرارها.

من متابعتي لهذا الحدث الجلل فقد كنت أتوقع ان يرقى بيان وزراء خارجية دولنا في سقفه الى الحد الذي يضع الأشياء بمسمياتها، حيث ان الواجب من هؤلاء الوزراء أو ” حكوماتهم ” كان يقضي، ولم يزل، بأن يكون أقوى، بل بأن يتّسم باتخاذ مواقف أشد حزماً إزاء العلاقة بأميركا وبالكيان الصهيوني. لأن القرار هو قرار مشترك بين ترامب ونتنياهو، ولأن الموقف الفلسطيني والعربي الرسمي من القدس يجب أن يكون بمستوى أهمية القدس وفلسطين بالنسبة إلى الأمة العربية والإسلامية. فقد افتقر قرار وزراء الخارجية المذكور إلى اتخاذ مواقف عملية مثل سحب ” مبادرة السلام العربية “، وإلغاء ما عُقد من اتفاقيات تعترف بما يسمى “دولة إسرائيل “، والدعوة إلى وقف كل تطبيع معها، أو نقد قرار ترامب بأنه – ينسف فرص السلام وحل الدولتين – أو ما قد يترتب عنه فتح الأبواب على مصارعها على دولة الكيان الصهيوني أو حتى الولايات المتحدة الامريكية، وهذه مسـألة سياسية في غاية الأهمية في المعركة ضد القرار.

 ولهذا وفي رأينا – وعلى الرغم من تواضع البيان الوزاري العربي – إن أي اعتراض على موقف الجامعة العربية يجب ألّا يخدش من كونه ضعيفاً وغير كافٍ من وجهة النظر الشعبية، أو من وجهة نظر ما يجب أن يكون عليه، كما لا يجوز أن يصبّ في خانة ترامب ويخرجه من عزلته وإظهاره كأنه مؤيَّد من أطراف عربية أو فلسطينية…

القمة الطارئة لمنظمة التعاون الإسلامي

انطلقت في إسطنبول يوم أمس الأربعاء 13/12/2017 اعمال القمةالإسلامية الطارئة التي دعت إليها تركيا لبحث قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الكيان الصهيوني ونقل سفارتا إليها، في وقت ينتظر فيه الفلسطينيون ردا يقنع الإدارة الامريكية بالعدول عن قرارها … لقد بدأ واضحا للعيان ومن تدني تمثيل رؤساء وفود بعض الدول العربية، والذي يظهر بوضوح وبدون مواربة توافق هذه الدول مع القرار الأمريكي او أنها أبدت رد فعل ضعيفا للغاية… او يبدو أن بعض هذه الدول تخشى الولايات المتحدة بشدة.

لقد بدأت القمة بكلمات للرئيس التركي والذي عبر بالقول إنه لا يمكن الصمت عن الظلم الذي تمارسه إسرائيل على الفلسطينيين متعهدا بأن تصدر القمة رسالة قوية بشأن القدس، وفي كلمته وعد الرئيس التركي بما وصفه بمنعطف في التحرك الإسلامي لمواجهة قرار الرئيس الأميركي، وقال إنه سيكون بمثابة ترجمة فعلية للرفض الشعبي العربي والإسلامي لهذا القرار ، وبالنظر الى هذه القمة فإن الشعب الفلسطيني تحديدا والشعوب العربية والإسلامية عامة تبني آمالا على أن تخرج قمة اسطنبولبإجراءات تقود إلى إقناع الإدارة الأميركية بالعدول عن قرارها، والالتزام بالقرارات الدولية التي تعتبر القدس الشرقية جزءً أصيلا من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وعاصمة لدولة فلسطين التي ترسمها مفاوضات الحل الدائم مع إسرائيل.

لقد لفت انتباهي بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد راعى الحرص على عدم فتح ملف إغلاق السفارات الإسرائيلية، خصوصاً في تركيا ومصر والأردن، مكتفياً بالتلويح بإلغاء اتفاقات أوسلو، لاحقاً، وبالمطالبة بسحب الاعتراف بدولة الكيان حيث أكد وقف كلّ أشكال التنسيق والاتصال معها، من دون سحب الاعتراف بها، كما أعلن وقف كلّ اتصال بالإدارة الأميركية، متوجّهاً نحو أوروبا للاعتراف بالدولة الفلسطينية علناً، ولقبول دور الوسيط النزيه ضمناً، مقابل المشاركة باستصدار قرار يُسقط قانونياً الخطوة الأميركية بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ «إسرائيل».

وفي اعتقادي بأن الرئيس الفلسطيني قد وقف في منتصف الطريق بين الانتفاضة المشتعلة في غزة والضفة والقدس، وبين المؤتمرين في اسطنبول، وفي موازاة ذلك رفضه ” أي عباس ” قبول صفقة القرن، رغم تهديده بتعيين بديل عنه وللحلول مكان عباس إذا رفض المشروع الأميركي المسمّى بصفقة القرن، والذي يقوم على قبول دولة فلسطينية في غزة، مع تأهيلها كمنطقة تجارية وسياحية، تتبع لها مناطق حكم ذاتي في نصف الضفة الغربية بعد ضمّ نصفها الآخر حيث المستوطنات، وحسم أمر القدس الموحّدة عاصمة لـ«إسرائيل»، مقابل بلدة أبو ديس كعاصمة للدولة الفلسطينية.

لقد كانت القرارات الصادرة عن هذه القمة في رأي بادرة ممتازة وان ما صدر من تشكيل لجنة للتواصل مع دول القرار العالمي فيه شيء من التفاؤل وعليه فإن الدول الإسلامية مطالبة بمتابعة هذه القرارات التي صدرت، وتنفيذها بشكل فعلي، وأن ما تضمنه البيان من إدانة ورفض للقرار الأمريكي خطوة جيدة وتعبر عن الإجماع الإسلامي في عزل الموقف الأمريكي المنحاز للكيان الصهيوني، وأن هذا الأمر يتطلب خطوات عملية تترجم على الأرض بما يضمن دفع الولايات المتحدة للتراجع عن قرارها. كما أن الدول العربية والإسلامية أيضا مطالبة في ضوء ما ورد في البيان بإطلاق العنان للجماهير للتعبير عن غضبها تجاه السياسة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي، وتفعيل المقاطعة السياسية والاقتصادية ردا على هذه السياسة الأمريكية الظالمة، وفلسطينيا لابد من تفعيل مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي والعمل على كبح جماح عدوانه على شعبنا وحقوقه المشروعة.

ما هو المطلوب عربيا واسلاميا

ومما تقدم وبالنظر الى تسارع التفاعلات الشعبية العربية والإسلامية نعتقد انه لا بد من الوقوف على منصة قوية يطرح من عليها رؤيا ثابته ومحددة تستند عليها دولنا العربية حول قضية الامة المركزية ” القضية الفلسطينية ” برمتها وإظهارها في المحافل الدولية من خلال:

1.   اعتبار قرار الرئيس الامريكي مخالفاً لكل المواثيق والقرارات الدولية، وعملاً استفزازياً يثير المشاعر لدى العرب والمسلمين وينهي الدور الأميركي الراعي لعملية السلام.

2.   التقدم بشكوى عاجلة إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة باسم مجموعة الدول الإسلامية لتعطيل القرار الأميركي وإلزام الولايات المتحدة بالرجوع عنه وإلغائه.

3.   إن أي اعتراف بمدينة القدس عاصمة لدولة الاحتلال، أو إنشاء أي بعثة ديبلوماسية في القدس أو نقلها إلى المدينة انما يمثل اعتداءً صريحاً على الأمة العربية وحقوق الشعب الفلسطيني وجميع المسلمين والمسيحيين، وانتهاكاً خطيراً للقانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة.

4.   الدعوة المشتركة لشعوب دولنا لتتحرّك في بلدانها وأماكن انتشارها لتشكيل قوّة ضغط شعبي تساند ضغطنا السياسي والدبلوماسي، والتمسك بالمبادرة العربية للسلام

5.   التوافق مع وسيط دولي نزيه ” مثلا الاتحاد الأوروبي ” للعمل على تفعيلها – المبادرة العربية للسلام – كي لا يبقى أمامنا سوى العودة عنها، مع ما يترتّب عن هذه العودة من تداعيات.

6.   اتخاذ إجراءات عقابية موحّدة ومتدرجة، دبلوماسية واقتصادية، ضد أي دولة تنحو منحى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل

7.   القيام بحملة دبلوماسية لزيادة عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين، والانتقال إلى اعتبارها دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، مع اتّخاذ الإجراءات القانونية والسياسية والدبلوماسية اللازمة لاعتماد القدس الشرقية عاصمة لها.

8.    حسم موضوع اتفاقيات أوسلو والاعتراف بـ «إسرائيل» وسحب الاعتراف الفلسطيني بـ «إسرائيل»، ووقف كلّ أشكال التنسيق والاتصال معها

السلام عليكم ،،،

باحث ومخطط استراتيجي

arajoub@aol.com

اترك رد