مهرجان الفيلم العربي- عمان يختتم فعاليته

50

الأردن اليوم _ مع اختتام فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان الفيلم العربي-عمان، أسدل الستار على واحد من أهم المهرجانات المحلية التي أسهمت بترسيخ وتعزيز ثقافة مشاهدة الأفلام من جهة ودعم السينما العربية ومخرجيها والتعريف بهم من جهة أخرى.

عشرة أفلام اختارتها الهيئة الملكية للأفلام لتعرض على مدار 6 أيام بواقع عرضين في اليوم، من مختلف الدول العربية بدءا من فلسطين، تونس، الجزائر، المغرب، لبنان، اليمن، مصر والسودان وصولاً للسعودية.

واللافت أن تلك الأفلام حققت نسبة مشاهدة كبيرة من الحضور الذين كانوا يأتون مبكراً قبل الموعد بساعة تقريباً، والبقاء للنقاش بالأحداث بحضور مخرج الفيلم.

وكانت الأفلام المعروضة قد سببت جدلاً بين الحاضرين كما في الفيلم الفلسطيني الذي افتتح الدورة “مفك” لمخرجه بسام الجرباوي والذي كان فيه انتقاد للصورة التي ظهر بها الأسير وكليشيهيات الإعلام التي ترتبط برغبة الأسير المحصورة برؤية الشمس، ليركز في فيلمه على مرحلة استعادة الأسير لحياته الطبيعية والاندماج في مجتمع غاب عنه لفترة طويلة، والعبء النفسي والصعوبات التي يواجهها.

وكانت الحرب حاضرة في أغلب العروض، كما في الفيلم اللبناني الوثائقي “طرس.. رحلة الصعود الى المرئي” وحتى الروائي اللبناني “نار من نار” لمخرجه جورج هاشم، وكلاهما ارتبط بالحرب اللبنانية الأهلية.

وكان مهرجان الفيلم العربي اختتم فعالياته بالفيلم اللبناني “نار من نار” لمخرجه جورج هاشم، مستعيدا الحرب الأهلية اللبنانية مجددا، من خلال عودة مخرج لبناني يعيش في فرنسا ويلتقي بصديق قديم له، تدخل بينهما فتاة، ومن خلال قصتهما تظهر الحرب مرة أخرى مشعلة نيرانا مختلفة من الغيرة والصراع.

وكان للفيلم اليمني “10 أيام قبل الزفة” لمخرجه عمرو جمال حضور قوي بين الجالية اليمنية والجمهور المحلي، حتى أن الفيلم عرض مرتين، وبأجواء كوميدية وغصة لا تخلو من الألم للحال الذي وصلت إليه صنعاء اليوم، والحروب التي قطعت أوصالها وتركتها مدينة أشباح تحاول أن تستعيد أنفاسها من جديد والنهوض بالرغم مما أصابها.

وينطبق الأمر نفسه على الفيلم السوداني “أكاشا” لمخرجه حجوج كوكا، وهو فيلم لا يخلو من الكوميديا السوداء لواقع تعيشه اليوم خاصة في مناطق الجنوب، وما بين أحلام الشباب بالحب والسلام تبقى الحرب تؤرقهم وتتركهم في حالة من الخوف والهلع كلما مرت طائرة من طائرات الميغ.

وجاء فيلم “المسافة صفر” السعودي لمخرجه عبد العزيز الشلاحي ليلتقط التحولات في مجتمع محافظ ذي خصوصية وحساسية عالية، وكيف أثر الإرهاب في المحيط.

إلى ذلك، أعمال أخرى تعكس واقع مجتمعاتها من خلال قصص خيالية أو حقيقية، ولكنها في النهاية تروي ما يدور في المحيط، فأثبتت مراراً وتكراراً أن السينما مرآة المجتمع، وأداة بصرية قوية ومؤثرة في تكوين الوعي ونشر الثقافة التي تتجاوز كل اللغات والحدود.

الأفلام المعروضة جابت العالم وتم عرضها لآلاف الجماهير، الذين تأثروا بالقصص والحكايات التي تنقل واقعا صعبا بغالبيتها.

ومنذ بدايته حرص هذا المهرجان الذي تنظمه الهيئة الملكية للأفلام، ويحظى برعاية وزير الشباب والثقافة د. محمد أبو رمان، على أن تكون هذه الخيارات التي ذاع صيتها في مهرجانات دولية، متاحة دفعة واحدة وفي متناول الجمهور التواق لهذا الحدث كل عام، وهو الذي كان في بدايته يعقد فعالياته في شهر رمضان، ولكن بسبب ضيق الوقت تم نقله ليكون بعده منذ بضعة أعوام.

والأفلام التي اختيرت لهذا العام منوعة في قصصها، وتعكس اهتمام الهيئة الملكية وجهدها في تعزيز ثقافة السينما لدى الجمهور المحلي، وتشجيع صناع السينما الأردنيين على التعلم من هذه الخبرات وسرد قصصهم، عبر توفير فرص تبادل ثقافي ولقاءات مع صناع هذه الأفلام، فضلا عن الترويج لصناعة الأفلام، ما يسهم في تعزيز التفكير النقدي ورفدهم بمختلف المدارس النقدية والاخراجية.

المهرجان يحمل هوية خاصة بكونه عربيا، ويلتقط إنتاجات لافتة ولها جماهير كبيرة، مصنوعة بشغف وجرأة وخيال، تبحث عن مشاهد قادر على فهمها والشعور بها، هو ما تفعله السينما دوما.. نقل الإحساس والأفكار من بعد لآخر.

هي أفلام صنعت بشغف، وإن كانت بإمكانات قليلة لكنها تحمل في كل مشهد من مشاهدها قصص أفراد يكافحون للبقاء وللعيش، ومن خلال السينما يوصولون صوتهم ويتحدون كل الحروب والويلات ويثبتون أن هنالك أملا دائما.. وهذه السينما هي صوتهم وأملهم أينما حلوا.

اترك رد